بيان صحفي .. في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب دولة الاحتلال تُمارس تعذيباً مميتاً بحق المعتقلين الفلسطينيين
بيان صحفي
في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب
دولة الاحتلال تُمارس تعذيباً مميتاً بحق المعتقلين الفلسطينيين
الميزان يعرض شهادات جديدة حول التعذيب ويُحمل دولة الاحتلال المسؤولية القانونية
يأتي 26 يونيو/ حزيران، اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة من كل عام لمساندة ضحايا التعذيب، في ظل أنماط وحشية وغير مسبوقة من التعذيب، الذي ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وفي ظل تواطؤ غير مسبوق من قبل المؤسسات القضائية، ما يعكس إنكاراً تاماً لقواعد الحماية المستقرة بموجب أحكام القانون الدولي، التي حرَّمت ارتكاب هذه الجريمة في جميع الظروف، ودعت لاحترام الكرامة المتأصلة للإنسان، ونظراً لخطورة جريمة التعذيب وتداعياتها، فقد جعلها المشرع الدولي جريمة لا تسقط بالتقادم، وأقر رزمة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية للحماية من التعذيب، كل ذلك لم يُثني دولة الاحتلال وأجهزة تحقيقها عن ممارسة هذه الجريمة التي تجاوزت فظاعتها وقساوتها كل الحدود، خاصة بعد أكتوبر 2023م.
يعرض مركز الميزان في هذا اليوم تصريحات جديدة حصل عليها محامي المركز أثناء زيارته للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حيث أفاد المعتقل ر، ن (30 عام)، أثناء زيارته من قبل محامي المركز في سجن عسقلان بتاريخ 21/5/2025م، بالآتي: “اعتقلتني قوات الاحتلال بتاريخ 23/3/2025م من منطقة تل السلطان غرب رفح، ومباشرة عصبوا عيني وقيدوا يدي، واعتدوا علي بالضرب بالأيدي على الوجه والرأس، وبدأ التحقيق الميداني، ثم اقتادوني إلى مكان غير معلوم، ووضعوني في غرفة سمعت فيها موسيقى صاخبة جداً لمدة أسبوع، وأثناء ذلك تعرضت للضرب لطماً على الوجه وكذلك بقبضات اليد من قبل المحققين وضربوني بأرجلهم على بطني…”
كما أفاد المعتقل ر، ر (32 عام) لمحامي المركز أثناء زيارته في معسكر سديه تيمان بتاريخ 25/5/2025م، بالآتي: “اعتقلتني قوات الاحتلال بتاريخ 29/2/2024م من مستشفى كمال عدوان في محافظة شمال غزة، واقتادوني إلى مدرسة الفاخورة في جباليا، حيث تعرضت للضرب بالأيدي والأرجل، ثم عصبوا عيني واقتادوني إلى مكان غير معلوم، حيث قام المحقق بتوجيه عدة لكمات على وجهي، ووجه لي عدة صفعات، في محاولة لنزع اعتراف مني، وتم عرضي على المحكمة وفقاً لقانون المقاتل غير الشرعي، والتي مددت احتجازي لمدة (6) شهور، دون إبلاغي بالتهمة المنسوبة لي، أو تمكيني من الاستعانة بمحامِ حينها لتمثيلي. أتواجد حالياً في غرفة العزل رقم (10) حيث يتم تقييد يدي طوال اليوم، ولا يتم السماح لنا بالخروج فورة – للتشمس والهواء الطلق-، كما أن الطعام رديء…”
في حين أفاد المعتقل ج، ص (47 عام)، أثناء زيارته من قبل محامي المركز في معسكر سديه تيمان بتاريخ 26/5/2025م، بالآتي: “أعمل مدير التربية والتعليم في محافظة شمال غزة. تم اعتقالي من قبل قوات الاحتلال بتاريخ 27/12/2024م، بالقرب من مستشفى كمال عدوان حيث تم إجباري على خلع ملابسي بالكامل، وعصبوا عيني، ثم ضربوني على أنحاء متفرقة من جسدي بالأيدي والأرجل، في محاولة لنزع اعترافات مني، ثم جرى عرضي على المحكمة وفقاً لقانون المقاتل غير الشرعي، حيث لم يتم إبلاغي بالتهمة المنسوبة إلي، أو تمكيني من الاستعانة بمحامِ، وتم تمديد اعتقالي لمدة (6) أشهر، وأصبحت أعاني بعد الاعتقال من فتق في البطن، وانخفض وزني من 96 كيلو إلى 70 كيلو، ويتم إعطائي فرشة للنوم في الليل فقط وفي الصباح يتم سحبها مني، والطعام رديء…”
تُشير المتابعات القانونية والمقابلات التي أجراها طاقم مركز الميزان لحقوق الإنسان، في أوقات سابقة مع أعداد من المعتقلين خلال زيارتهم في السجون الإسرائيلية، أن التعذيب الذي تُمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي يجري على عدة مراحل، وتتمثل الأولى في القبض، حيث يجبر المعتقلين على خلع ملابسهم بالكامل والاعتداء عليهم بالضرب، وأحياناً يتم استخدامهم كدروع بشرية فيُقتادون إلى مواقع الأعمال العسكرية ويوضعون في مقدمة القوات الإسرائيلية مما يُعرض حياتهم للخطر، وتقيد أيديهم وتعصب أعينهم، ثم يُقتادون للتحقيق الميداني فيتم إجبارهم على الجلوس تحت أشعة الشمس الحارقة وفوق حصى مدببة في محاولة لنزع اعتراف منهم أو تمهيدهم لذلك، ثم مرحلة التحقيق التي يتم خلالها الاستخدام المميت للتعذيب الجسدي والنفسي، كالضرب بالمطرقة، والشبح وخلع الأظافر، وإطلاق الكلاب عليهم، والشبح لساعات طويلة، والضرب بالأيدي والأرجل، ويدخلون في غرف موسيقى صاخبة، وأحياناً يتعرض بعضهم للاغتصاب مثلما حصل في معسكر سديه تيمان.
أما المرحلة الثالثة (الظروف المعيشية)، فيتخللها الحرمان من النوم الكافي والفراش والغطاء الكافيين، ومنع الاستحمام المنتظم، وعدم تقديم الطعام والشراب الكافي والمناسب، والتكدس داخل السجن، والحرمان من تلقي الزيارات سواء من الأهل أو المحامي، وهو ما يندرج ضمن مفهوم إساءة المعاملة.
وفي هذا السياق قتلت قوات الاحتلال العشرات من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أثناء التحقيق معهم، يُشتبه أن الوفيات كانت بسبب ما تعرضوا له من تعذيب، حيث وثق المركز (4) حالات وفاة لمعتقلين داخل السجون كان مركز الميزان موكلاً بمتابعتهم.
يُشار إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت بعد السابع من أكتوبر آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، سواء من المنازل أو مراكز الإيواء، أو عبر الحواجز التي أقامتها في وسط وشمال وجنوب قطاع غزة، ومن المستشفيات، وترفض الإفصاح عن أعدادهم الحقيقية، هذا مع استمرار إبلاغ الأهالي من قطاع غزة مركز الميزان عن فقدان أبنائهم، مما يُضاعف أعداد المفقودين، ويضعهم في دائرة الإخفاء القسري.
مركز الميزان يستنكر بأشد العبارات استمرار جريمة تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، ويرى أنها من بين الانتهاكات الجسيمة التي حددتها المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي اعتبرها نظام روما المُنشئ للمحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة (8) أحد صور جرائم الحرب التي تستوجب من المدعي العام للمحكمة أن يفتح تحقيقاً فورياً في هذه الجرائم الخطيرة. كما أنها تُشكل انتهاكاً للاتفاقيات الدولية ولا سيما اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، إضافة لكونها من أبشع الممارسات التي يُمكن أن يتعرض لها الإنسان ولا يمكن التذرع بأي ذريعة مهما كانت لتبرير ممارسته، لما يُشكله من تهديدٍ خطيرٍ للحق في الحياة.
مركز الميزان إذ يؤكد على وجوب عدم السماح لمرتكبي التعذيب بالإفلات من العقاب، فإنه يحمل دولة الاحتلال المسؤولية القانونية الكاملة بأركانها الثلاث (الفعل والنتيجة والعلاقة السببية). ويدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والانتقال من دائرة الاستنكار والشجب، إلى دائرة الفعل المؤثر الرامي لوقف جرائم التعذيب وجريمة الإبادة الجماعية التي تواصلها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وهي التي خلفت أهوال وفظاعات يندى لها الجبين. ويُطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال باحترام أحكام القانون الدولي، والقرارات والنداءات الصادرة عن الهيئات الدولية القائمة على إنفاذ أحكام القانون الدولي، ولا سيما قرارات محكمة العدل الدولية المتعلقة بوقف جريمة الإبادة الجماعية، ونداءات المقررين الخواص والأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، ووكالات الأمم المتحدة المختلفة والمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان.
انتهى