إسرائيل تستمر في استخدام التجويع كسلاح وتنشر الموت جوعاً في غزة

0 10

إسرائيل تستمر في استخدام التجويع كسلاح وتنشر الموت جوعاً في غزة

مركز الميزان يستنكر تصاعد تجويع سكان غزة ويطالب بتدخل دولي عاجل وفاعل لإيقاف الكارثة الإنسانية

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ 2/3/2025، إغلاق معابر قطاع غزة بشكل كامل، وتمنع إدخال الإمدادات الإنسانية عن الفلسطينيين، وتتعمد تدمير كافة مقومات الحياة الأساسية للبقاء على قيد الحياة، في وقت يسجل فيه انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والمجاعة مستويات غير مسبوقة، وتبث مشاهد وفاة المواطنين ولا سيما الأطفال والمرضى جوعاً على الهواء مباشرة، نتيجة عدم قدرة الأسر الحصول على الغذاء وتلبية احتياجاتها الأساسية، وسط تواصل استهداف منتظري المساعدات الإنسانية بالقصف وإطلاق النار.

هذا وسجلت مستشفيات قطاع غزة (9) حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية خلال الـ 24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي لوفيات المجاعة وسوء التغذية إلى (127) حالة وفاة، من بينهم (85) طفلاً.[1] كما أثرت المجاعة وسوء التغذية على (100،000) من النساء الحوامل والمرضعات، و(1،556) من الولادات المبكرة، و(3،120) من الاجهاضات والوفيات داخل الرحم، و(159،409) من كبار السن، و(18،000) جرحى عرضة للمضاعفات، وسجلت (28،677) حالة بسوء التغذية، و(260،000) طفل أقل من 5 سنوات بحاجة ماسة للغذاء، وسوف يشهد العالم مقتلة جماعية بحق (100,000) طفل إذا لم يدخل حليب الأطفال بشكل عاجل.[2]

وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فأزمة الجوع في غزة وصلت إلى مستويات جديدة من اليأس، حيث يموت الناس بسبب نقص المساعدات الإنسانية، ويتزايد سوء التغذية مع وجود (90,000) امرأة وطفل في حاجة ماسة إلى العلاج، فهناك شخص واحد من كل ثلاثة لا يأكل لعدة أيام.[3]

وتستمر إسرائيل في منع دخول الإمدادات الطبية إلى قطاع غزة بالتوازي مع منع إمدادات الغذاء، ما عمق من أزمة الجوع، وأثر على علاج حالات سوء التغذية، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن أطفال قطاع غزة في أشد مراحل سوء التغذية وتصعب متابعتهم طبياً بسبب نقص الأدوية العلاجية وحليب الأطفال، كما تنعدم التغذية المناسبة والأدوية للأمهات الحوامل ينعكس بشكل خطير على المواليد خاصة الأطفال الخدج.

ومع اشتداد التجويع، يدفع المدنيين قسراً إلى التزاحم على ما بات يعرف بنقاط التوزيع الأمريكية الإسرائيلية، التي روج لها على أنها منافذ إنسانية، صممت في الواقع لتكون مصائد موت، حيث تكررت فيها حوادث القتل الجماعي، ما يشير إلى نية مبيتة لقوات الاحتلال لاتخاذها وسيلة هندسية للتجويع والإذلال، وأداة لإهانة الكرامة الإنسانية وفرض الخضوع عبر استغلال الحاجة والضعف. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية بلغ عدد شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى (1,092) شهيداً، وأكثر من (7,320) إصابة.[4]

وفي هذا السياق، صرح ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ” يشعر الأمين العام بالفزع إزاء التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في غزة، حيث باتت آخر شرايين الحياة التي تبقي السكان على قيد الحياة تنهار، ويعرب عن قلقه البالغ بشأن الأعداد المتزايدة التي تفيد بإصابة العديد من الأطفال والبالغين بسوء التغذية وأعمال العنف المستمرة بما في ذلك إطلاق النار على الأشخاص الذين يحاولون الحصول على الطعام لأسرهم وقتلهم وإصابتهم”.[5]

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن غالبية الأسر في جميع أنحاء غزة تواجه تحديات بالغة في الحصول على الغذاء بنسبة (96%) في شمال غزة، و(81%) في مدينة غزة، و(68%) في دير البلح، و(82%) في خان يونس. كما يعاني أكثر من (95%) من الأسر من ضائقة مالية شديدة، كما أن ثلثا الأسر لا يستطيعون تحمل حتى تكاليف المواد الأساسية حيث ارتفعت الأسعار بنسبة تصل إلى (700%) مقارنةً بمستويات ما قبل الإغلاق (فبراير 2025). وبنسبة تصل إلى (1208%) مقارنةً بمستويات ما قبل الأزمة (سبتمبر 2023).[6]

في حين أعلنت قوات الاحتلال إلى اللجوء لخيارات أخرى وهمية لإدخال المساعدات، مثل إسقاطها من الجو، وهي حيلة إعلامية لإظهار أن الاحتلال يسمح بوصول المساعدات، بينما الحقيقة أن هذا الأسلوب أثبت فشله الذريع في تلبية الاحتياجات الهائلة لسكان غزة، الذين يحتاجون إلى تدفق مئات الشاحنات يومياً لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة، بل هي وسيلة حاطة بالكرامة الإنسانية، وتهدف قوات الاحتلال من خلالها إلى مواصلة هندسة التجويع، وإلى خلق حالة من الفوضى. وتظهر التجارب السابقة أن هذا الأسلوب لم يسهم في التخفيف من الأزمة، بل أدى إلى حوادث مؤسفة راح ضحيتها مدنيون، نتيجة سقوط بعض المساعدات على المدنيين، وبسبب التدافع العشوائي وسط حالة من الفوضى، ما يكرس من المعاناة بدل تخفيفها.

(ز. أ) أب لثلاثة أطفال يقول: نحن نموت جوعاً بشكل فعلي، لا نجد ما نأكله، قضيت أنا وأسرتي ثلاثة أيام على القليل من حساء العدس، وذهبت أربع مرات إلى نقاط التوزيع الأمريكية الإسرائيلية للحصول على مساعدات غذائية، لم أحصل في مرة واحدة على أي مساعدات عندما كنت أذهبت، فقط كنت أسمع صوت إطلاق النار وأرى الناس يسقطون على الأرض، وكنت أرجع من غير شيء، لا أستطيع شراء الدقيق من السوق إذا توفر، فأسعاره فلكية نتيجة ندرته، وأسمع كما يسمع الجويع هذه الأيام عن عمليات إسقاط جوي للمساعدات، ولكنا لا نرى شيئاً فعلياً، وأطفالي الآن ينامون وهم يئنون، حتى أنا وزوجتي لا نقوى على هذا الجوع فما بالكم أطفالي، لقد خارت قوانا، وأصبحت دائما أشعر بالدوار، نشرب الماء مع الملح أنا وزوجتي، ولكني أخشى أكثر على أطفالي، ولا أعلم ما هو الحل.

صرح فيليب لازاريني، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض العام لوكالة الأونروا:” الناس في غزة ليسوا أمواتاً ولا أحياء، عندما يرتفع سوء التغذية لدى الأطفال، وتفشل آليات التكيف، ويختفي الوصول إلى الغذاء والرعاية، وتبدأ المجاعة في الظهور بصمت، معظم الأطفال الذين تراها فرقنا يعانون من الهزال والضعفاء ويتعرضون لخطر الموت إذا لم يحصلوا على العلاج الذي يحتاجون إليه بشكل عاجل، العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية التابعون للأونروا، يبقون على قيد الحياة على وجبة صغيرة واحدة في اليوم، وغالباً ما يكونون مجرد عدس، إن لم يكن على الإطلاق.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، إذ يدين بشدة استمرار وتصاعد عمليات القتل الجماعي التي تقوم بها إسرائيل من خلال منع دخول الدواء والغذاء والوقود، واستمرار استخدام التجويع والتعطيش كسلاح، ونشر المجاعة في صفوف السكان، فإنه يؤكد في الوقت ذاته على أنها ليست سوى استمراراً لنهج الاحتلال القائم على القتل الممنهج، والتجويع، والحصار، وتدمير مقومات الحياة، والتهجير القسري، مؤكداً أن ما يحدث في غزة هو حرب إبادة جماعية متواصلة، تحدث في ظل صمت وتواطؤ دولي مخز.

ويؤكد المركز أن الوقت ينفد، وأن التأخر في التدخل الدولي يعني القبول الضمني بموجات موت جماعي بدأت تتكشف مع كل يوم جديد من الحصار والجوع، وأصبح تصاعد الكارثة يحسب بالساعات وليس بالأيام، وذلك يستوجب التدخل لوقف قوات الاحتلال إطلاق النار فوراً، وفك الحصار، وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد.

وعليه، يجدد المركز مطالبته للمجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري استناداً لالتزاماته القانونية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، لإجبار دولة الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار، والإقلاع عن استخدام سياسة العقاب الجماعي والتجويع كسلاح، والعمل على حفظ أرواح المدنيين في قطاع غزة من خلال رفع الحصار وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد من خلال المعابر كافة، والابتعاد عن الحلول الوهمية كإسقاط المساعدات من الجو، وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة، لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب، وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية بحق نتنياهو وجالانت، فيما يتعلق بالتجويع واستخدامه كسلاح في الإبادة بحق المدنيين.

تقرير وزارة الصحة [1]

تقرير وزارة الصحة[2]

تقريرWFP [3]

تقرير وزارة الصحة [4]

بيان بشأن تدهور الوضع الإنساني في غزةOCHA [5]

تحليل الأمن الغذائيOCHA [6]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد