مؤسسات حقوق الإنسان تستنكر الهجوم الإسرائيلي المتكرر على المنطقة الإنسانية في المواصي .. وتؤكد أنه إمعان في جريمة الإبادة الجماعية
9 سبتمبر/أيلول 2024
مؤسسات حقوق الإنسان تستنكر الهجوم الإسرائيلي المتكرر على المنطقة الإنسانية في المواصي
وتؤكد أنه إمعان في جريمة الإبادة الجماعية
تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات تكرار الهجوم العسكري الإسرائيلي على خيام النازحين في منطقة المواصي التي أعلنتها قوات الاحتلال منطقة إنسانية، ووجهت إليها مئات آلاف السكان من مختلف أرجاء قطاع غزة، وكان أحدث هذه الهجمات تلك التي استهدفت عدة خيام فجر اليوم الثلاثاء الموافق 10 سبتمبر/أيلول 2024، وتسببت في سقوط 13 شهيداً وإصابة أكثر من 60 فلسطينياً آخرين بجروح.
ووفق المعلومات التي توفرت لفرق البحث الميداني، فإنه حوالي الساعة 00:30 اليوم الثلاثاء، 10 سبتمبر/أيلول 2024، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية بثلاثة صواريخ مجموعة من خيام النازحين في منطقة المواصي جنوب غرب خان يونس. تسبب القصف بإحداث ثلاث حفر بعمق يقدر بنحو 10 أمتار وقدر قطر بعضها بحوالي 20 متراً، وتسببت شدة الانفجارات في دفن وتدمير 7 خيام، وإلحاق أضرار بنحو 20 خيمة أخرى. وأدى ذلك إلى استشهاد 13 فلسطينيًّا، بينهم 5 أطفال وامرأتان، وإصابة أكثر من 60 آخرين بينهم أطفال ونساء. ويواصل باحثونا التحقيق في الجريمة وجمع الإفادات والتحقق من أنباء عن وجود مفقودين تحت الرمال.
وأفاد علاء شحدة محمود الشاعر، 55 عامًا لباحثينا بما يلي:
“استيقظت من نومي على صوت تطاير ركام وتراب فوقي، حيث كنت نائما في معرش أمام منزلي من الجهة الغربية، في مواصي خان يونس الجنوبية. أدركت أنه قصف إسرائيلي، وشاهدت شبان يركضون باتجاه الخيام التي أقامها نازحون في أرضي ومساحتها 4 دونمات، وأرض عمي حماد الشاعر، 70 عاماً، التي تعرضت للقصف. والخيام المقامة في الأرض هي لنازحين مستأجرين لدي من عائلات أبو طعيمة وأبو جامع وبركة. تحركت مع الشبان وأثناء ذلك شاهدت جثة شاب أمام الباب الغربي لمنزلي وكانت سيارات الإسعاف والدفاع المدني قد حضرت فنقلته سيارة إسعاف. وبالنظر لطبيعة الأرض، التي هي عبارة عن كثبان رملية، بدأنا نحفر في الرمال بأيدينا وعثرنا على مصابين وتم إنقاذهم. وكذلك، بدأ الدفاع المدني بالبحث عن شهداء ومصابين. كانت عملية الإنقاذ صعبة لأن الأرض رملية ويوجد بها شجر والطريق وعرة بسبب الحفر التي أحدثتها الصواريخ التي لا أستطيع تحديد عددها لأنني كنت نائما ولم أسمع صوت الانفجارات. يبلغ عدد الخيام في أرضي 21 خيمة، اختفى منها 7 خيام وتضررت 7 خيام أخرى”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة المواصي المكتظة بمئات آلاف النازحين، الذين يقطنون في خيام بالية متلاصقة منصوبة في الأراضي الزراعية والشوارع، بلا خدمات أو حد أدنى من مقومات الحياة.
فرغم أن قوات الاحتلال وجهت مئات آلاف السكان إلى المنطقة بفعل أوامر التهجير التي أصدرتها؛ إلاّ أنها كررت استهدافهم المرة تلو الأخرى لتقتل وتجرح العشرات في كل عملية استهداف، دون مراعاة لمبدأ الضرورة والتناسب، التي تشكل قواعد أساسية للقانون الدولي الإنساني.
ووثق باحثونا ما لا يقل عن 15 هجومًا من طائرات الاحتلال وآلياته على خيام النازحين في مواصي خان يونس ورفح، والتي أعلن عنها من قبل سلطات الاحتلال بأنها منطقة إنسانية، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 248 فلسطينيا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، هذا بالإضافة إلى أكثر من 500 جريح.
ومن أكثر هذه الهجمات تسبباً بوقوع ضحايا، الهجوم الذي نفذته قوات الاحتلال في 13 يوليو/تموز 2024، عندما أطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية ما لا يقل عن 4 صواريخ تجاه مصيف محيط منزل عائلة الشوربجي في منطقة شارع النصف في مواصي خان يونس، وشنت عدة غارات تجاه الأراضي ومنطقة تجمع خيام النازحين المحيطة بالمصيف. تسبب القصف في تدمير المصيف والعديد من خيام النازحين ودفنهم في الرمال وتحت الأنقاض. وأسفر ذلك عن استشهاد 90 فلسطينياً وإصابة أكثر من 300 آخرين بجروح. (انظر المزيد من التفاصيل في هذا البيان).
وفيما يحاول الاحتلال تبرير هجماته في كل مرة بأنه يستهدف نشطاء فلسطينيين يشتبه بعضويتهم في فصائل مسلحة، فإن مؤسساتنا_ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مؤسسة الحق، ومركز الميزان_ ومع تأكيدها أن القتل المستهدف يعد من الجرائم التي تنتهك قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فإنها تشير إلى أن إسرائيل وفق ما تعلن قواتها تملك معلومات استخبارية دقيقة عن تحركات الأشخاص وأماكنهم ولديها صواريخ دقيقة مخصصة للأفراد، ورغم ذلك لم تستخدمها، إنما استخدمت قوة نارية هائلة وتوسعت في استهداف خيام النازحين دون أي اعتبار أو قيمة لحياة المدنيين والمدنيات بما فيهم الأطفال ما أدى إلى استشهاد واصابة هذا العدد الكبير من المدنيين والمدنيات.
وحتى وقت إعداد هذا البيان، تواصل قوات الاحتلال قصفها الجوي والبري والبحري على جميع أنحاء قطاع غزة، ما يُوقع مزيداً من الضحايا ويتسبب بتدمير المباني والبنى التحتية، مع استمرار معاناة مئات آلاف النازحين والنازحات وتفشي المجاعة في شمال القطاع.
تعتبر مؤسساتنا بأن هذا الصمت الدولي الرسمي، واستمرار ارسال السلاح لإسرائيل هو تواطؤ مع الجرائم المرتكبة بحق شعبنا، خاصة في ظل إمعان قوات الاحتلال في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. وعليه نطالب كافة الجهات بالتحرك الفوري والعاجل لفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإلزام الاحتلال الامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية. كما تطالب مؤسساتنا الدول الأطراف الثالثة بالالتزام بمسؤوليتها القانونية لوضع حد لحصانة دولة الاحتلال، وضمان وقف تزويد اسرائيل بالسلاح والذخيرة، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.