الدليل العربي لحقوق الانسان

0 30

الدليل العربي
حقوق الإنسان والتنمية

الدليل العربي لحقوق الإنسان والتنمية البشرية

أ. محسن عوض
باحث متخصص في دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، عضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان

 

انبثق هذا الدليل عن مشروع طموح يهدف إلى دمج مفهومي التنمية وحقوق الإنسان وهو مفهوم قديم جديد: قديم كمطلب لبلدان العالم الثالث استغرق عقودا من النقاشات والاجتهادات وأثمر في أحد مراحله الإعلان العالمي للحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان والشعوب في العام 1986، وهو جديد في المساعي الرامية إلى إرسائه وإحقاقه في المجال العملى وسط تضارب المصالح والأهواء في المجتمع الدولي، لا بل وفي المجتمعات الوطنية. وعندما يخلص المقرر الخاص للحق في التنمية أنه لا توجد دولة واحدة في العالم تطبق التنمية القائمة على حقوق الإنسان يمكننا أن نصف هذا الحق بأنه “الحق المراوغ”.

والمراوغة لا تتعلق بدمج مفهوم حقوق الإنسان في التنمية، ولكنها تمتد أيضا لتفسير الوثائق التي يستند إليها هذا المفهوم، وأهمها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والذي لا يزال يُنظر إليه من جانب بعض الدول الرأسمالية الكبرى باعتباره قائمة للمطالب والحاجات، وليس قائمة بالحقوق والالتزامات، وهو ما يتطلب نهجاً حقوقياً راسخا لتجاوزه.

والمراوغة كذلك لا تتوقف عند موقف بعض الدول الكبرى التي قد تتحمل أعباء “المساعدة في التنمية” في إطار التعاون الدولي الذي يقتضيه مثل هذا المفهوم، ولكنها تأتى بالمثل من جانب بعض دول العالم الثالث التي تود أن تتحلل من التزامات تنبثق عن انضمامها إلى المواثيق الدولية المعنية، والتي سرعان ما طرحت شعاراً مقابلاً يقول بحقوق الإنسان القائمة على التنمية، بدلا من التنمية القائمة على حقوق الإنسان، بمعنى أنها عليها أن تحقق التنمية أولاً حتى تستطيع أن تحقق حقوق الإنسان، وهو ما يعود بالموقف برمته إلى المربع رقم (1) الذي يقايض الحقوق المدنية والسياسية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي سبق أن حسمها توافق وثيقة وبرنامج عمل فيينا منذ العام 1993.

لكن لا تكمن الإشكاليات الكبرى فحسب في محاولة الالتفاف على الالتزامات، أو إعادة إنتاج مفاهيم تجاوزها التراث الإنساني، لكن تكمن أيضا في أثر المتغيرات الدولية على حقوق الإنسان والتنمية، فعبر العولمة وإعادة بناء النظام الدولي، و مشروعات إعادة هيكلة القوة في العالم، تواجه مفاهيم راسخة تحديات عصيبة ليس أولها مناهج التنمية، ولا آخرها منظومة حقوق الإنسان، وتتمركز بؤرة هذا التفاعل في العالم العربي والشرق الأوسط منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

ويسعى هذا الدليل إلى الإسهام في الجدل القائم حول مفهوم حقوق الإنسان والتنمية، ليس فقط بالتعمق في تأصيل هذا المفهوم، وبيان التقدم المحرز في ترسيخه، وتحليل التحديات التي تقابله، ولكن أيضا بطرح اجتهادات جديدة لسبل إعماله، ومعايير التقدم في إنجازه، وهى إشكالية تواجه كل العاملين في حقل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. لكن يظل التساؤل مشروعاً حول لماذا هو “دليل عربي” فقط وليس دليلا لحقوق الإنسان على إطلاقها، طالما أنه ينطلق من مبدأ “عالمية حقوق الإنسان”، وطالما تؤكد الهيئات التي عكفت على إنجازه اقتناعها الراسخ بهذا المبدأ.

والواقع أن هذا التساؤل كان موضع كثير من النقاش عند البدء في إعداد هذا الدليل، لكن كان اقتناع فريق إعداد الدليل ولا يزال، أنه لا يوجد تعارض بين إرساء المفهوم العالمي، والمعالجة المحلية، فثمة حاجة ملحة لفحص تفاعلات هذا المفهوم في الواقع الوطني والإقليمي، وحاجة مماثلة لإعطاء النماذج والأمثلة من الواقع المحلى، وحاجة أشد لاحتياجات الجمهور المستهدف موضع الاعتبار.

ويوفر هذا الدليل تحليل أنماط التفاعل، ورصد النماذج، لكن يبقى تحديد الجمهور المخاطب وهو أيضا يطرح سؤالاً محورياً شغل معدي التقرير: وقد استُنبطت إجابته من أهداف المشروع، وخبرة المنظمة العربية لحقوق الإنسان في العمل في الساحة العربية على مدار العقدين السابقين من خلال تفاعلها مع مؤسسات حركة حقوق الإنسان في العالم العربي، واحتياجات الناشطين والباحثين والإعلاميين. فكان عليه أن يجمع بين أربعة جوانب.

• رؤية شاملة تلبى احتياجات نشطاء حقوق الإنسان. • موضوعات متخصصة حول موضوع وهدف الدمج بين التنمية وحقوق الإنسان تلبى احتياجات المتخصصين. • مداخل تساعد الباحثين. • واخيراً دليلا للمصطلحات والمفاهيم.

مضمون الدليل

الفصل الأول : “القانون الدولي لحقوق الإنسان والحقوق المترابطة”

ويتعرض هذا الفصل لأربعة موضوعات رئيسية، أولها هو مفهوم حقوق الإنسان ومصادره العالمية والإقليمية والوطنية وإشكالياته، وثانيها علاقته بقواعد القانون الدولي ذات الصلة، وعلى وجه التحديد القواعد الخاصة بمنظمة العمل الدولية، والقانون الدولي الإنساني، وقواعد حماية اللاجئين، وثالثها موقع القانون الدولي لحقوق الإنسان من التشريعات الوطنية في البلدان العربية، ورابعها العلاقة بين حقوق الإنسان والديمقراطية في السياقات العالمية المختلفة.

في تتبعه لمفهوم حقوق الإنسان يوضح هذا القسم أنه يمكن تتبع حقوق الإنسان في التراث الديني والفلسفي والفكري للبشرية لقرون عديدة سابقة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، فلا تخلو ديانة من الديانات من نصوص حول تكريم الإنسان، ولا تخلو ثقافة من الثقافات من مبادئ الرحمة والعدل، لكننا عندما نتحدث عن التراث العالمي المعاصر لحقوق الإنسان، فإننا نعنى مجموعة المبادئ الملزمة التي اتفقت الجماعة الإنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية تحديداً على الالتزام بها التزاماً قانونياً يجد سنده في آليات دولية وداخلية تكفل تحقيق هذا الالتزام.

فمصطلح حقوق الإنسان إذن يشير إلى مجموعة الحقوق اللصيقة بالشخصية الإنسانية التي نصت عليها المواثيق الدولية والتي يتمتع بها الإنسان، ولا يجوز تجريده منها لأي سبب كان بصرف النظر عن كل من مظاهر التمييز مثل الدين واللغة واللون والأصل والعرق والجنس وغير ذلك.

ويتناول هذا القسم كذلك فئات الحقوق وفقا لموضوعها، ووفقا لمصادرها ووفقا لنطاقها الإقليمي، كما يستعرض مصادر حقوق الإنسان، بين مواثيق عالمية وإقليمية، وتشريعات وطنية، ثم يتوقف عند إشكالية مبادئ حقوق الإنسان بين العالمية والخصوصية، ويستخلص بعدين من تحليل المشكلة:- الأول : ثقافي حيث لا يخلو إرث ثقافي لشعب من شعوب العالم من تجليات قد تكون متعارضة مع المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وهى مسائل يجب التعامل معها بحرص عند النظر في نفاذ مبادئ حقوق الإنسان العالمية في مجتمع من المجتمعات، والبعد الثاني والأكبر: سياسي، وهو تذرع بعض الحكومات بهذه الخصوصيات للتهرب من استحقاق التزاماتها بحقوق الإنسان. فضلاً عن تذرع الدول الكبرى بذلك للتدخل في الشئون الداخلية للدول الصغرى بطريقة انتقائية غالبا، وهكذا تبدو الانتهازية السياسة في قضية العالمية والخصوصية، فباسم الخصوصية تنتهك حقوق المواطنين وباسم العالمية تنتهك سيادة الدول لأسباب سياسية بحتة.

في تناوله لعلاقة القانون الدولي لحقوق الإنسان والقوانين الدولية الأخرى ذات الصلة، تعرض هذا القسم لعلاقة القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وخلص إلى أن هناك وحدة في الهدف بين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وبين اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، وهو تأمين مختلف حقوق الإنسان وحرياته، وإن تميزت هذه الاتفاقيات الأخيرة بأنها تعمل على تأمين هذه الحقوق في ظروف النزاعات المسلحة، ويبدو هذا التميز في ظروف الحماية في أن اتفاقيات جنيف شملت بحمايتها فئات لم تكن محل اهتمام القانون الدولي التقليدي لحقوق الإنسان، كالجرحى، والغرقى والمدنيين تحت الاحتلال نظراً للظروف الاستثنائية التي تحيط بها، وثمة فارق آخر، وهو أن الحقوق المقررة بمقتضى القانون الدولي لحقوق الإنسان يجوز بشروط معينة التحلل من بعضها في ظروف الطوارئ والحروب، في حين أن الحقوق المقررة بمقتضى اتفاقيات جنيف لا يجوز التحلل منها مطلقا لأنها ما شرعت إلا لتنظيم الحقوق وقت الحرب.

كذلك يتوقف هذا القسم عند الأزمة الراهنة للقانون الدولي الإنساني، التي تتمثل في تنامي التجاهل العمدي من الدول المتحاربة لأحكامه تحت ذرائع (قانونية) أو بدون ذرائع على الإطلاق، واتجاه بعضها لتقويض دعائم النظام القضائي الوطني والدولي من أجل غلّ يده عن أن تطول المتهمين بارتكاب جرائم تنتهك القانون الدولي الإنساني.

وفي تحليله للعلاقة بين مبادئ حقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية، أوضح هذا القسم أن مبادئ حقوق الإنسان تعتبر مكوناً أساسيا للخلفية المرجعية التي تحكم نشاط وعمل منظمة العمل الدولية، حيث تشمل أهداف المنظمة تبنى ودعم كل السياسات والتدابير التي تستند إلى مبدأ أن كل البشر لهم الحق في النهوض بمستوى معيشتهم المادية ومتطلباتهم الروحية دون تمييز. وبيّن هذا القسم أن أغلب اتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية تسعى لحماية وتطوير حقوق الإنسان بشكل أو بآخر مادامت تتعرض لمسائل مثل تأمين بيئة العمل وحماية الأطفال وصغار السن وتنظيم ساعات العمل الخ فضلا عن مختلف جوانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المدنية والسياسية إلا أن عددا من مواثيق منظمة العمل الدولية تتفاعل بشكل أكثر تحديداً مع حقوق وحريات أساسية معينة مثل حرية الاجتماع والتحرر من السخرة والمساواة في الفرص أثناء العمل. لكن ما تتميز به منظمة العمل الدولية في مجال حقوق الإنسان هو توافر آليات للحماية الفعالة للحقوق المنصوص عليها في اتفاقيات وتوصيات المنظمة، أثبتت كفاءتها وفعاليتها في تأمين حقوق الإنسان للعمال.

ويتوقف هذا القسم مطولا عند تحديات عصر العولمة وخاصة مشكلة البطالة واتساع الفجوة الرقمية بين الدول الغنية والدول الفقيرة.

ويتعرض القسم أيضاً للحماية الدولية للاجئين في إطار مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان فيوضح تعريف القانون الدولي للاجئ، وارتباط تطور القواعد المتعلقة بحق الملجأ بالتطور الذي شهده القانون الدولي العام في مجال حماية حقوق الإنسان والوثائق الدولية المنظمة لحقوق اللاجئين العالمية والإقليمية ومسئوليات المفوضية السامية لشئون اللاجئين.

ويختص الموضوع الثالث في هذا الفصل بالنظم القانونية العربية والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، فيعرض لموقف الدساتير العربية من حماية حقوق الإنسان والحريات العامة وهو موقف يعكس تباينا في الضمانات التي يكفلها لحقوق الإنسان، ومدى الحريات التي يعترف بها لكن يجمعها أنها تحيل تنظيم الحريات إلى قوانين غالبا ما تقوم بتقييدها، وزاد من تفاقم أثر هذه الظاهرة ذات الجذور التاريخية، تذرع الكثير من الدول بضرورات محاربة الإرهاب لكي تصدر تشريعات تنتهك ضمانات حقوق الإنسان.

تناول هذا القسم أيضا موضع القانون الدولي لحقوق الإنسان في التشريع الوطني، وأوضح أن الدساتير العربية تناولت هذه القضية وفق ثلاثة مناهج: أولها: يجعل للاتفاقيات الدولية مكانة تسمو على الدستور نفسه مثل النظام الأساسي في السعودية ودستور دولة الإمارات، والثاني: اتبعه الدستور التونسي والدستور الجزائري حيث يجعلان للمعاهدة التي ترتبط بها الدولة قوة أدنى من الدستور وأعلى من التشريع العادي، أما المنهج الثالث الذي تتبعه أغلب الدساتير العربية فيضع المعاهدة الدولية في مرتبة مساوية للتشريع بعد التصديق عليها، على أنه إذا صدر بعد التصديق على المعاهدة تشريع يخالف أحكامها فتطبق القاعدة التشريعية اللاحقة، عملاً بمبدأ أن التشريع اللاحق ينسخ التشريع السابق. ويوضح هذا القسم أنه لا يعرف مثالاً واحداً قضت فيه المحاكم العربية بتطبيق معاهدة أو اتفاقية لحقوق الإنسان تطبيقاً مباشراً سوى الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة المصرية في 16/4/1987 الذي قضى ببراءة عمال السكك الحديدية من تهمة الإضراب التي يعاقب عليها قانون العقوبات المصري لأن فعل الإضراب مباح بمقتضى المعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفيما يُرجع إحجام القضاء العربي عن التطبيق المباشر لهذه الاتفاقيات لنظرة القضاة لأنفسهم كمطبقين للقوانين فحسب، وفق ثقافة تكرسها السلطة التنفيذية، وكذا التباس العلاقة بين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات الوطنية في بعض البلدان، كما يرصد هذا القسم أيضا أثر التحفظات العربية على مواثيق حقوق الإنسان.

خصص الدليل الموضوع الرابع في هذا القسم للعلاقة بين حقوق الإنسان والديمقراطية وأكد هذه العلاقة الارتباطية، حيث لا يتصور الحديث عن حقوق الإنسان في مجتمع استبدادي شمولي، رغم كل ما يتردد عن أن بعض الأنظمة الشمولية قد توفر لمواطنيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فحقوق الإنسان حقوق متكاملة ومترابطة لا يمكن التضحية ببعضها لحساب البعض الآخر، وأوضح أن الديمقراطية وفق بعض التعريفات، حق من حقوق الإنسان، وتعقب الأبعاد المختلفة للديمقراطية كحق للمشاركة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمكانة التي بدأت تحتلها في قرارات لجنة حقوق الإنسان منذ العام 1999 كحق من حقوق الإنسان. وخلص إلى أن الربط بين الديمقراطية وحقوق الإنسان قد تحول من مجرد الربط بين الأهداف والقيم في مرحلة مبكرة إلى بلورة ما يمكن أن يسمى الحقوق الديمقراطية في مرحلة ثانية إلى مزيد من بلورة هذه الحقوق في مرحلة ثالثة.

وأفرد هذا القسم كذلك مناقشة خاصة لقضية الديمقراطية في التجربة العربية، وبينما خلص إلى أن المنطقة تعانى من “بؤس ديمقراطي وحقوقي شديد” كان حرياً أن يطرح ذلك الكثير من التساؤلات : فهل ثمة أنساق ثقافية تستعصي على تفعيل قيم الديمقراطية، وهل تقع الثقافة العربية كما يتردد البعض في هذه الأنساق، وهل من سبيل إلى تعديلها وإشاعة حد أدنى من التوافق الاجتماعي بين الثقافة السائدة والقيم الديمقراطية ذات الطابع الإنساني الشامل، أما النتيجة التي يصل إليها بعد نقاش مكثف هي أنه ليس في الثقافة العربية عناصر تجعلها عصية على تقبل قيم الديمقراطية، لكن البدائل السياسية الرئيسية المتداولة بين المثقفين العرب في هذا الشأن في حاجة إلى إعادة مراجعة لتكون الديمقراطية مكونا رئيسيا من مكوناتها بالتجاوز عن الصور التقليدية التي بدت بها هذه البدائل في عصور ماضية. فالديمقراطية هي الطريق الوحيد لخروج الشعوب العربية من أزماتها الخانقة، ولمواكبة تطورات العصر.

الفصل الثاني : الشرعة الدولية لحقوق الإنسان

تناول هذا الفصل المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من خلال مجموعة المبادئ التي أرستها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان في إطار العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي تحليله للحقوق والحريات التي تناولها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لم يلتزم هذا الفصل بنصوص العهد فحسب، بل وسّع من منظوره لتناول وتأصيل هذه النصوص استرشادا بما توصلت إليه اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية منذ بداية أعمالها، وما استخلصته من معايير وآليات محددة لضمان إعمال حماية وتعزيز هذه الحقوق والحريات في الواقع العملي، وفي مقدمتها تكامل هذه الحقوق وعدم قابليتها للتجزئة.

صنف هذا القسم الحقوق والحريات في عشرين مادة سيكون من نافلة القول تكرارها في هذا العرض، لكن يجدر التوقف عند بعض استخلاصاتها اتصالا بالانشغالات الرئيسية في العالم العربي، والتحديات التي تواجهه في إعمال حقوق الإنسان والحريات العامة.

• ففي ظل حقيقة كئيبة مثل الاحتلال العسكري لبلدين عربيين، يجدر استرجاع ما أورده هذا الفصل من أن حق تقرير المصير شرط لازم لضمان تمتع الأفراد بحقوقهم المدنية والسياسية، وكذلك بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولذلك نجد أن المادة الأولى التي تتناول هذا الحق في العهدين الدوليين تتطابق تماما.

• وفي ظل استمرار التداعيات المؤسفة للحملة الدولية لمكافحة الإرهاب الدولي، يجدر التذكير بأن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تحرص على التأكيد بأن الإجراءات التشريعية والأمنية التي ترى الدول اتخاذها للمشاركة في هذه الحملة يجب ألا تتناقض أو تنتقص من الالتزامات الدولية التي ارتضتها الدولة لحماية حقوق الإنسان بانضمامها طواعية إلى العهد.

• وفي ظل استمرار العمل بقوانين الطوارئ في ست بلدان عربية يجدر التذكير بأنه بينما تجيز المادة الرابعة من العهد تعطيل بعض الحقوق المنصوص عليها فيه بصفة مؤقتة خلال فترة سريان حالة الطوارئ، فإن هناك حقوقاً لا يجوز المساس بها بأي حال من الأحوال، كما أن هذه الرخصة ينبغي أن تكون بالقدر اللازم الذي تقتضيه حالة الطوارئ، وهو ما ينصرف إلى تحديد مدة سريان حالة الطوارئ ونطاقها الجغرافي.

• وفي الإطار نفسه يجدر التذكير بأن قدسية الحق في الحياة لا تعنى فقط أنه لا يجوز إهداره حتى في حالات إعلان حالة الطوارئ، وفق ما تقتضيه المادة الرابعة من العهد، بل ويتطلب إعمال هذا الحق من الدولة العمل على تجنب الحروب والنزاعات المسلحة وكافة أشكال العنف الجماعي. كما أن الدولة مطالبة، وفق المادة السادسة من العهد ليس فقط باتخاذ الإجراءات اللازمة لقمع الأعمال الإجرامية المؤدية إلى الحرمان من الحق في الحياة، بل وعليها أيضا فرض التزامات على قوات الأمن التابعة لها بعدم قتل الأفراد تعسفيا.

• وفي إطار التشديد على حظر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة يذكرنا هذا الفصل بأنه قد أصبح من المسلمات عدم أخذ المحاكم بأية اعترافات قد يدلى بها المتهم نتيجة للمعاملة المحظورة، إلا في نطاق إقامة الدليل على مساءلة من ارتكبها ضد المتهم.

• إن كفالة الحق في الحرية والأمان الشخصي لازمة لتمكين الفرد من ممارسة الحقوق الأخرى والحريات العامة التي تضمنها العهد، فمن البديهي أن الشخص المقيد الحرية أو غير الآمن على نفسه وعرضه وماله لا يمكنه، على سبيل المثال، ممارسة حقه في حرية التنقل أو الترشيح للمناصب العامة أو تكوين الجمعيات.

• وفي إطار شيوع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية أو الخاصة، يجدر التذكير بما استخلصه هذا الفصل في معرض تحليل الشروط الواجب توافرها للمحاكمة العادلة من تعارض محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية حيث يسقط حق الفرد في أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي في ظل كافة الضمانات التي تستلزمها المادة الرابعة عشر من العهد.

• وفي ظل الشكوى من أوضاع السجون في بعض البلدان العربية ينبغي التأكيد على ما ورد في هذا الفصل من أنه لا يجوز للدولة الاحتجاج بعدم توافر الإمكانيات المادية للإفلات من الالتزام بالعمل على توفير احترام المعايير الدولية الخاصة بالأحوال المعيشية في السجون.

وفي تناوله للحريات العامة يستخلص هذا الفصل أن مضمون العهد ينصرف إلى أوسع التفسيرات لحرية التفكير والاعتقاد، وأنه بينما يسمح العهد بفرض بعض القيود على حرية الرأي والتعبير، تستلزمها حماية مصالح الآخرين أو مصلحة الجماعة ككل، فيجب ألاّ تفرغ هذه القيود الحق في التعبير من مضمونه، أي يجب أن تقتصر على ما تقتضيه في الدول الديمقراطية. فحرية الرأي والتعبير من مقومات النظم الديمقراطية والانتقاص منها هو انتقاص من الحكم الديمقراطي السليم.

وبينما يقدم هذا الفصل تحليلا وافيا لتشابك الحق في التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات مع العديد من الحقوق الأخرى، فإنه يتوقف عند مغزى مهم وهو أن قدرة المجتمع المدني في المساهمة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان عامة، محدودة بما يتاح له ذاته من ممارسة الحق في تكوين جمعياته وممارسة نشاطه السلمي، فإذا قيدت الدولة ذلك الحق فإن المجتمع المدني يأتي عملا في صدر من يعانى من انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي مجال إعمال الحق في المشاركة يوضح الفصل أن مفهوم المشاركة في تسيير الشئون العامة ينصرف في الأساس إلى ممارسة السلطة السياسية أي في المشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية بما يعنى كافة أوجه الشئون العامة، بما في ذلك تشكيل وتوجيه الشئون السياسية على المستوى المحلى والإقليمي والدولي بالطرق والوسائل التي ينظمها دستور وقوانين البلاد، ويتطلب العهد الدولي من أعضائه إصدار التشريعات اللازمة التي تمكن المواطنين من الممارسة الفعلية لهذا الحق والمشاركة في العمليات التي تشكل في مجموعها تسيير دفة الشئون العامة، وأن تستند القوانين التي تنظم ذلك الحق إلى معايير موضوعية ومعقولة.

ويتناول هذا الفصل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جزئين أولهما وجيز ذو طابع تمهيدي يتناول التعريف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع ربطها بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وإعلان الحق في التنمية، وبرنامج عمل فيينا، كما يطرح موضوع التلاقي والإثراء المتبادل بين منظور التنمية القائم على الحقوق، وذلك القائم على الطاقات الأساسية (التنمية البشرية)، كما يتطرق إلى ماهية الالتزامات المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمهيداً للتقييم.

أما الجزء الثاني فيركز على تقييم التقدم المحرز في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويتكون بدوره من قسمين يركز أحدهما على أساليب الأمم المتحدة في الإشراف على تنفيذ العهد ومتابعة تنفيذ الالتزامات المتمثلة في التقارير الرسمية، وفي هذا المجال استعرض الشواغل الرئيسية التي عبرت عنها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعد مناقشتها تقارير عشر بلدان عربية.

أما القسم الثاني والأخير فيقترح منهجية لتقييم التقدم في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك بالاعتماد على أهداف الألفية للتنمية وهى أهداف معيارية أو مرجعية تمكن من رصد وتقييم نسب التقدم في إعمال الحقوق استناداً إلى جملة من المؤشرات الإحصائية، وقد تضمنت الدراسة العديد من الرسوم البيانية وبعض الجداول الهامة، كما أرفقت بها ملاحق تضم أربعة عشر جدولا ببيانات مهمة حول موضوعاتها.

وتتوقف هذه المقدمة التحليلية عند ثلاث قضايا إشكالية تعرض لها هذا القسم من الدليل أولها هو الالتزامات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ضوء ما نص عليه العهد عن “التدرج” و”ما تسمح به الموارد المتاحة” وفي هذا الشأن تخلص الدراسة إلى أن هناك إجماعاً على فهم نوعية هذه الالتزامات حيث إن بعضها يخص حقوقاً لا تتطلب تدرجاً في إعمالها، مثل مبدأ عدم التمييز أو مبدأ المساواة بين الذكور والإناث، فالالتزامات هنا غير مشروطة بالموارد المتاحة وتتطلب التنفيذ الفوري بدون تأجيل أو تدرج، كذلك الشأن بالنسبة لحريات مثل الحرية الثقافية، وحرية البحث والإبداع. أما الالتزامات التي تخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى، فالدولة مطالبة وملزمة بأن تشرع في إعمالها (دون تأجيل) باتخاذ التدابير لضمان التمتع التدريجي بالحقوق.

إذن هناك التزام بسلوك غير مشروط ولا يقبل التأخير في حين أن الالتزام بالنتيجة أي الإحقاق الفعلي للحقوق فيرتبط بالإمكانيات ويقتضي التدرج، ومن الظاهر أن الالتزام بالنتيجة معلق بالالتزام بالسلوك.

وينبه هذا القسم أيضا إلى أن فكرة التدرج لضمان التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد أوحت إلى البعض إبراز مفهوم “الالتزامات الأساسية الدنيا” وأقرت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة 1990 أن هذه الالتزامات تتمثل في ضمان التمتع على الأقل بما يعتبر أساسيا في كل من الحقوق، وبالتالي اعتبرت اللجنة أن الدولة الطرف التي يوجد عندها مثلا عديد من الناس الذين يفتقرون إلى ما هو أساسي من غذاء وصحة ومسكن وتعليم تكون قد أخلت بالالتزامات التي تعهدت بها، وبالتالي فحتى في الحالات الصعبة، ينبغي على كل دولة طرف أن لا تتخلى عن هذه الالتزامات الأساسية في حق الفئات الضعيفة والمحرومة.

والقضية الثانية التي تلفت هذه الدراسة النظر إليها هي الصعوبات في إعمال العهد في العالم العربي طبقا لما خلصت إليه لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بناء على تقارير الحكومات، ومناقشتها وتتمثل في الحروب، والنزاعات الداخلية، والانعكاسات السلبية لسياسات التكييف أو الإصلاح الهيكلي، والأوضاع الاقتصادية الدولية خاصة المتعلقة بالتقلب في أسعار النفط، وارتفاع نسبة المديونية.

أما انشغالات اللجنة، أو ما يمكن أن نصفه بمستوى إعمال الحقوق فيشير إلى الآتي:
1- وجود ظاهرة التمييز ضد الأقليات العرقية أو القومية أو الأجانب عموما في كافة البلدان العربية ولو بتفاوت، وكذلك بين الحضر والريف، وبين المناطق .
2- وجود ظاهرة التمييز ضد المرأة في عديد من المجالات وإن تفاوتت حدتها.
3- ارتفاع نسبة البطالة، وعدم وجود الحد الأدنى من الأجر غالبا، وإن وجد فقد اعتبر غالبا غير كاف، والحريات النقابية غالبا ما تكون مغيبة، أو مقيدة بدرجات متفاوتة.
4- تأثر مستوى المعيشة بظاهرة الفقر خاصة في الأرياف وارتفاعها في بعض البلدان بدرجات متفاوتة.
5- انتشار فيروس نقص المناعة (الإيدز) رغم عدم توفر معلومات يبدو مثيراً في أحد البلدان، كما أن نسبة وفيات الأمهات مرتفعة جداً.
6- وفي مجال الحق في التعليم لوحظ أن نسبة الأمية مرتفعة خاصة لدى النساء وفي الأرياف كما أن نسبة الانقطاع المدرسي عالية.
7- وفيما يخص الحق في الثقافة وقعت الإشارة إلى وجود رقابة إزاء العمل الثقافي بصفة عامة.

أما القضية الثالثة والأخيرة التي أثارها هذا الفصل وتود المقدمة لفت الانتباه إليها فهي ابتكاره طرح منهج لتقييم التقدم في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ضوء أهداف الألفية للتنمية، وتطبيقها على الواقع العربي.

الفصل الثالث : فئات أولى بالرعاية

يتعرض هذا الفصل للحقوق الفئوية، ويتناول حقوق خمس فئات أكثر عرضة للانتهاك، ومن ثم أكثر حاجة للرعاية وهى حقوق النساء، والأطفال، والعمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وذوى الاحتياجات الخاصة، والأقليات.

حقوق المرأة
كان حرياً أن يبدأ هذا الفصل الخاص بحقوق المرأة، ليس فقط من منظور رفع الغبن الواقع على النساء جراء التمييز الذي يحيق بهن في الإطار العام والخاص، ودعم نظم الحماية الواجبة في مواجهة أشكال العنف ضد النساء، ولكن أيضاً في إطار الحاجة لتصحيح الاختلالات الاجتماعية جراء تهميش دور المرأة وإسهاماتها في التنمية والنهوض بالمجتمع ككل.

وقد استعرض هذا القسم المعايير الدولية ذات الصلة بدءا من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة، وجنسية المرأة المتزوجة، وإعلان حماية النساء والأطفال في الحروب والمنازعات، وصولا إلى اتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة، والبروتوكول الاختياري الملحق بها.

وفي تقييمه لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، يذهب هذا القسم إلى أن الاتفاقية لم تترك جانبا من أبعاد وحقوق المرأة المعروفة إلا وأشار إليها؛ من ظروف الحياة العامة إلى الخاصة، ومن العلاقة بالأسرة والتربية والأبناء والإرث والتملك والزواج والطلاق، إلى شئون العمل والمعاملات والمشاركة في اتخاذ القرارات في الحياة العامة في كافة المجتمعات الزراعية والصناعية والتجارية، إلى الحقوق السياسية وحقوق التعليم وفرص التدريب والمنح الدراسية.

كما أشارت الاتفاقية إلى حقوق المرأة في مراحل حياتها المختلفة كفتاة وزوجة وعاملة وربة أسرة ، وصاحبة قرار سياسي ومعرفي، ولم يبق ربما سوى ناحية واحدة وهى حقوق المرأة في الشيخوخة، وإن كان الضمان الاجتماعي يفترض أن يضمن هذا الحق.

ويذهب هذا القسم أيضا إلى أن أهمية هذه الاتفاقية تكمن في أنها أصبحت عنوانا عالميا للدفاع عن المرأة، وأن مصادقة أكثر من 90% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عليها يعنى أن العالم يعلن رفضه التمييز ضد المرأة، لكن الواقع لا يزال بعيداً جداً عن طموحات الاتفاقية فواقع المرأة في العالم لا يزال مؤسفاً، فلا يزال أكثر الفقراء هن النساء، وأكثر الأميين هن النساء، وأكثر اللاجئين في العالم هن النساء، ومعظم من يقع ضدهم العنف الجسدي هن من النساء وأكثر من يساق إلى سوق الدعارة العالمي هن النساء. كما أن تطبيق الاتفاقية ومراقبة هذا التطبيق لن تكون مهمة سهلة حيث تحتاج لكثير من الجهد لتغيير القناعات والثقافات والممارسات، وهذه أكبر التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية والإسلامية، بيد أن العمل في إطار الاتفاقية حفز الكثير من الأنشطة والدراسات وتأسيس المنظمات، كما حفز جهد الحركة العالمية للنهوض بحقوق المرأة.

كما يذهب هذا القسم أيضا إلى اعتبار البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية خطوة متقدمة على طريق إعمال الحقوق الواردة بالاتفاقية بما يتيحه من حق الشكوى الفردية أو الجماعية للنساء المتضررات أو اللاتي يعانين من التمييز ضدهن كونهن نساء. لكن يلاحظ هذا القسم أيضا أن عدم توقيع ثلثي دول العالم على هذا البروتوكول يعنى أن الغالبية القصوى من دول العالم لا زالت غير موافقة مبدئيا على متابعة قضايا التمييز ضد المرأة والاستجابة لتساؤلات حولها.

في الإطار العربي، يتتبع هذا القسم الأحكام المتعلقة بحقوق المرأة في ثلاثة مواثيق إقليمية هي الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (1981) وإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام (1990) والميثاق العربي لحقوق الإنسان (2004)، وخلص إلى أن هناك ضعفا في هذه المواثيق بالنسبة لقضية المرأة، وأن هذا الضعف يتعاظم في الخطاب الحقوقي كلما اتجهنا عربيا وإسلاميا، ويقوى كلما اتجهنا أفريقيا، ولا يتناسب هذا التراجع مع البعد التنموي للمرأة في الإطار العربي الإسلامي إذا ما قارناه عموما بالمرأة في الإطار الأفريقي الأكثر فقراً ويطرح التساؤل حول : لماذا يبقى النص الحقوقي العربي متخلفاً عنه في دول العالم الثالث الأخرى على أقل تقدير؟

تجيب الباحثة على هذا التساؤل تحت ثلاثة عناوين رئيسية:- سبب أيديولوجي تحكمه الثقافة السائدة، وسبب سياسي، وسبب بنيوي يتمثل في ضعف الحركة النسائية العربية. وترى أن السبب الأيديولوجي لا يرتبط بالبنية الاقتصادية والاجتماعية في العالم الثالث، فكل الدول الأخرى في العالم الثالث تحركت أفضل وأسرع بالنسبة لحقوق المرأة، ويؤيد ذلك أن الميثاق العربي المعدل كان أكثر توافقا مع المعايير الدولية لحقوق المرأة في شئون العمل والملكية والتجارة، وأكثر تراجعاً وتحفظاً في مفهوم المساواة في الحقوق الأخرى التابعة للعلاقة المباشرة بين الرجل والمرأة والقوامة والأسرة والجنسية وغير ذلك، مما يؤكد أن التراجع يعود أكثر إلى الموقف الأيديولوجي الذي تتبناه الأنظمة العربية المبنى على الفكر القبلي، كما يوضحه أيضا تحفظات الدول العربية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

أما السبب السياسي؛ فتوجزه الباحثة في افتقار الدول العربية للديمقراطية والشرعية السياسية والدعم الشعبي، وتلاعبها بقضية المرأة كما في قضايا أخرى في المساومات الاجتماعية داخليا، والمساومات الدولية كذلك، وتنبه إلى ما يعتري قضية المرأة من ضبابية نتيجة رغبتها في مسعاها لتطوير أوضاعها والقضاء على التمييز ضدها من ناحية ورغبتها في ألا تكون أداة في يد الخارج من ناحية أخرى.

أما السبب الثالث والأخير الذي تورده الباحثة فيركز على ضعف الحركة النسائية العربية حيث لا تزال نخبوية ومشتتة في كثير من البلدان العربية، كما لا توجد حركة نسائية عربية موحدة، لا عبر الحدود ولا عبر التكنولوجيا الحديثة (وإن كانت لها بعض المظاهر على الإنترنت مثل آمان وكوثر) والمشكلة الأكبر أنه لا يوجد حركة نسائية تتفق على برنامج معين. كما أن انتشار الأمية بين النساء تجعلهن يقفن مع الفكر السلفي ويعادين الفكر المطالب بإحقاق حقوقهن. ولا سبيل للخروج من مثل هذه الأوضاع بغير تطوير خطاب الوعي بالحقوق والقوانين ضمن إطار الثقافة والهوية العربية التعددية، والإسلامية المستنيرة.

حقوق الطفل

وتناول هذا الفصل أيضا حقوق الطفل، فأظهر الطابع التراكمي للاهتمام بهذه الحقوق منذ تشكيل عصبة الأمم عام 1919، حتى إصدار اتفاقية حقوق الطفل عام 1989 والبروتوكولين الإضافيين الاختياريين الخاصين باشراك الأطفال في الصراعات المسلحة واستغلال الأطفال اللذين دخلا حيز النفاذ عام 2002. كما أظهر الطابع العالمي للاتفاقية التي صادقت عليها بحلول عام 2005، 192 دولة أي جميع دول العالم باستثناء الصومال (التي لا يوجد لها حكومة نتيجة الحرب الأهلية) والولايات المتحدة.

وتناول هذا القسم مبادئ الاتفاقية تفصيلا، وتصنيف الحقوق التي تضمنتها، كما أبرز الطابع المميز للاتفاقية كأول وثيقة تجمع معاً الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتبنيها مبدأ التكامل والاتساق بين مختلف الحقوق، وترويجها لروح الشراكة بين من يعنيهم رفاه الأطفال على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وإعادتها الاعتبار إلى دور الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وخاصة الأطفال، وتشجيعها لمجموعة قيم يأتي في مقدمتها احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتنمية احترام ذوى الطفل وهويته الثقافية ولغته وقيمه الخاصة والقيم الوطنية، وإعداد الطفل لحياة تستشعر المسئولية في مجتمع حر بروح من التفاهم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين الشعوب والجماعات، وتنمية احترام البيئة الطبيعية.

ويركز جانب مهم من هذا القسم على تطبيق اتفاقية حقوق الطفل من خلال مقاربة الحقوق Right’s Based Approach تقوم على ثلاثة عناصر هي “شخص الحق”، و”المسئول عن الحق”، “وموضوع الحق”. ويبين أنه يمكن تحليل الالتزامات المترتبة على الحقوق في إطار ثلاثة واجبات :
ويركز جانب مهم من هذا القسم على تطبيق اتفاقية حقوق الطفل من خلال مقاربة الحقوق Right’s Based Approach تقوم على ثلاثة عناصر هي “شخص الحق”، و”المسئول عن الحق”، “وموضوع الحق”. ويبين أنه يمكن تحليل الالتزامات المترتبة على الحقوق في إطار ثلاثة واجبات :
واجب حماية الحق؛ ويتطلب أن يتخذ المسئول عن الحق الإجراءات والتدابير اللازمة لمنع طرف ثالث من الإساءة لحق ما.
واجب إنجاز الحق؛ ويتطلب أن يتبنى المسئول عن الحق التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير المناسبة لإعمال هذه الحقوق.

كما يبين عدة محددات أساسية لتطبيق الحقوق تنطلق من رؤية متكاملة شاملة للحقوق ترى أنها متناسقة ومتفاعلة، وبالتالي فانتقاص حق منها يؤثر على الحقوق الأخرى، فالتطعيمات في بيئة غير نظيفة مثلا تلقى بظلال من الشك حول تحقيق الهدف من التطعيمات وهو الحد من وفيات الأطفال وتمتعهم بصحة جيدة، ومنها كذلك أن المؤشرات الكمية وحدها لا تعطى صورة حقيقة للحقوق، فمعدلات الالتحاق بالتعليم وحدها لا تعنى كفالة الحق، بل لابد من البحث عن مؤشرات لنوعية التعليم ومبدأ عدم التمييز وتكافؤ الفرص. ومنها أيضا أن وجود نص قانوني يقرر الحق يشكل إطاراً جيداً للمطالبة بالحق لكنه لا يضمن في حد ذاته كفالة الحق إذ أن هناك عوامل عدة تتفاعل بشكل مختلف باختلاف مجال الحق. ومن المهم السعي للتعامل مع الأسباب الجذرية للمشكلات وليس فقط علاج الظواهر، ومنها أيضا مشاركة وتمكين أصحاب الحق وهم الأطفال، كضمان حقيقي لاستمرارية التمتع بالحق.

ويوضح تقييم أداء الدول العربية في مجال حقوق الطفل –كما عكسته الملاحظات الختامية للجنة الدولية لحقوق الطفل في ضوء مناقشة التقارير الدورية لسبع عشرة دولة عربية، جوانب إيجابية تتعلق بنصوص دستورية، وتصديقات على اتفاقيات ذات صلة، وتصديق عدد من الدول العربية على البروتوكولين الاختيارين، وإنشاء مؤسسات جديدة تعنى بقضايا الأطفال وتشكيل مجالس وطنية عليا تعنى بشئون الطفولة، وتجارب بعض الدول في أحداث مندوبي حماية الطفولة، وبرلمان للأطفال.

بينما تضمنت بواعث قلق اللجنة ملاحظات مهمة أبرزها : وجود تمييز ضد الفتيات، وبين المدن والريف، والانتشار الواسع لحوادث المرور التي تهدد حياة الأطفال، ونقص الخدمات المخصصة للأطفال ذوى الإعاقات، وقصور الوعي ونقص المعلومات عن العنف المنزلي، والسلوكيات الخاطئة بما فيها الإساءة الجنسية داخل وخارج الأسرة في ظل قصور الإجراءات القانونية للحماية، وكذا استمرار ختان الإناث بشكل واسع في بعض البلدان رغم الجهود المبذولة للقضاء على هذه الظاهرة. وكذلك قصور قوانين العمل عن تقديم الحماية للأطفال العاملين في مشروعات عائلية وأنشطة زراعية، وخدم المنازل، والقطاع غير الرسمي الذي يدخل في حالات كثيرة ضمن أسوأ أشكال العمل وقصور المعلومات المتاحة عن صحة المراهق والخدمات الاستشارية للصحة العقلية، وتأكيد الحاجة إلى نظم لجمع المعلومات المفصلة عن الأطفال في كل المجالات التي تغطيها الاتفاقية بما فيها المجموعات الأكثر ضعفا مثل عديمي الجنسية وذوى الإعاقة، وأطفال الأسر المحرومة اقتصاديا، نظراً لأهمية هذه المعلومات في تقدير التقدم.

كما أثارت اللجنة كذلك عدد من الملاحظات المهمة حول معاملة الأطفال الجانحين منها انخفاض سن المسئولية الجنائية في بعض الدول (7سنوات) وعدم تحديدها في دول أخرى، وعدم فصل الأحداث عن البالغين في بعض السجون، وضعف برامج إعادة التأهيل والاندماج الخاصة بالأحداث.

حقوق العمال المهاجرين

وتناول الفصل الثالث كذلك حقوق العمال المهاجرين والذين يمثلون إحدى الفئات الهشة من منظور حقوق الإنسان بسبب هشاشة الحماية القانونية المكفولة لهم، حيث تخلو العديد من التشريعات المحلية من المعايير الدولية التي تسلم صراحة بحقوق الإنسان لهم وترفض بعض الدول المستقبلة هذه المعايير، أو تقصر تطبيقها على مواطنيها، وكذلك بسبب قابلية العمال المهاجرين للتأثر بالتعديات على حقوق الإنسان مثل الطرد والإبعاد، ومظاهر التمييز وكراهية الأجانب والعنصرية، وكذلك بسبب صعوبة وصولهم إلى سبل الانتصاف.

ويوضح هذا القسم أن الأبعاد السلبية للعولمة، التي استثنت الانتقال الحر للعمالة من جميع عناصرها، فاقمت من الإشكاليات التي تواجه العمال المهاجرين وأفرزت العديد من الظاهرات السلبية مثل: الهجرة غير المشروعة، وجرائم الاتجار في البشر، وضاعفت من المخاطر التي تواجه أكثر هذه الفئة هشاشة مثل النساء اللاتي يتم استغلالهن، وكذا عمال الخدمة المنزلية (ومعظمهم من النساء).

ورغم الجهود التي تبذلها منظمة العمل الدولية وهيئات الأمم المتحدة المختصة من أجل إسباغ الحماية على العمال المهاجرين والذين أصبح عددهم يناهز 175 مليونا فقد اطردت الصعوبات التي تواجه حماية حقوق الإنسان لهذه الفئة، حيث تتزايد المشاعر المعادية لهم في بعض الدول بسبب التنافس مع العمالة الوطنية على فرص العمل، حتى تبنى بعض الأحزاب اليمينية في بعض الدول الغربية برامج لطرد العمال المهاجرين، كما ضاعفت هجمات سبتمبر من الشك والخوف من الأجانب، وتبنت العديد من الدول المستقبلة للعمالة المهاجرة قوانين وإجراءات ضاعفت من هشاشة أوضاعهم جاء كثير منها على أسس تمييزية.

وتناول هذا الفصل أيضا المعايير الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين، وأبرز أن منظمة العمل الدولية كانت أول هيئة تصدر صكوكا لحماية حقوق العمال المهاجرين ولديها اتفاقيات عديدة في هذا الصدد تعالج جوانب مختلفة من حقوق هذه الفئة. وأن الأمم المتحدة اهتمت منذ السبعينيات بمشكلة العمال المهاجرين وشكلت في العام 1980 بناء على قرار من الجمعية العامة، فريقاً عاملاً لوضع اتفاقية تكفل حقوق هذه الفئة. وانتهى الفريق العامل من وضع مسودة الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم في العام 1990.

eكرست الاتفاقية عددا من الحقوق الأساسية لجميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، تضمنت: الحق في الحياة، وحظر التعذيب، وحظر الاسترقاق أو العبودية وحرية الفكر والضمير والدين، وحرية إظهار دين المرء أو عقيدته، وحرية التعبير وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر التدخل دون وجه حق في الحياة الخاصة للفرد، وحظر الحرمان التعسفي من الممتلكات، والحماية من أعمال العنف، والحق في محاكمة عادلة، وحظر تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعى، وحظر مصادرة أو تدمير وثائق الهوية، وحظر الطرد الجماعي، وكفالة الحق في المشاركة في الأنشطة النقابية، وحق التمتع بما يتمتع به مواطنو الدولة من ضمان اجتماعي، والحق في الرعاية الطبية وحق الطفل العامل المهاجر في اكتساب اسم وجنسية، وفي تلقى التعليم، واحترام الهوية الثقافية للعمال المهاجرين، وحق نقل ممتلكاتهم ومدخراتهم عند انتهاء فترة عملهم.

كما تناولت الاتفاقية بعض الأحكام الخاصة بفئات معينة من العمال المهاجرين وأسرهم، ونصت على إنشاء لجنة للإشراف على تنفيذ الاتفاقية يتم اختيار أعضائها من جانب الدول الأطراف، وتتكون من 10 خبراء يمارسون مهامهم في استقلالية ونزاهة، ويزيد عدد أعضاء اللجنة إلى 14 عضوا، عندما يصل عدد الدول المصدقة على الاتفاقية 41 دولة.

لكن رغم اعتماد اتفاقية حماية جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر/كانون أول 1990، فقد ظلت تعانى من ضعف واضح في الانضمام إليها، فلم يتسن لها الدخول في حيز النفاذ إلا في العام 2002، ولم يتجاوز عدد الدول التي انضمت إليها حتى نهاية أبريل/نيسان 2005، 29 دولة معظمها من البلدان النامية، (بينها أربعة بلدان عربية هي الجزائر والمغرب وليبيا ومصر) وليس بينها دولة واحدة من الدول المستقبلة للعمالة .

تفسر المقررة الخاصة بالعمال المهاجرين عدم الرغبة هذه نتيجة مصالح حقيقية تستند إلى قواعد ذات نفوذ حقيقي يدافع عنها أشخاص هم غالبا المسئولون عن العراقيل التي تمنع التطبيق الكامل لمعايير حقوق الإنسان هذه.

وبينما يعطى عزوف الدول عن الانضمام إلى هذه الاتفاقية مؤشرا على نمط الصعوبات التي تواجه إعمال المعايير الدولية لحماية حقوق الإنسان للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم فإنه يضاعف من الحاجة لتعزيز الجهود الرامية إلى تكريس الانضمام الدولي للاتفاقية واحترامها.

حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة

تناول القسم الرابع من هذا الفصل حقوق متحدى الإعاقة، فيبرز حجم مشكلة الإعاقة على المستوى الدولي حيث تمس نحو 600 مليون شخص يمثلون نحو 10% من سكان العالم معظمهم من الدول النامية، كما يوضح المفاهيم الخاصة بالعجز، والتي تميز بين “العجز” و”العوق” إذ رغم أن كلاهما ينتسب إلى مفهوم طبي فإن مصطلح العوق يشمل تلاقى المعوق مع بيئته والغرض منه هو تأكيد تركيز الاهتمام على ما في البيئة والكثير من الأنشطة الاجتماعية من عيوب تمنع المعوقين من مشاركة الآخرين على قدم المساواة.

ويبين هذا القسم المفاهيم الخاطئة التي كانت تسود النظرة إلى المعاقين كفئة تتطلب الحماية فقط دون القدرة على رؤية احتياجاتهم كأشخاص وحقهم في التمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها الفئات الأخرى من البشر.وهى النظرة التي ساهمت في عزل المعاقين اجتماعيا، ورسخت اعتقادا اجتماعيا على عدم تمتع المعاقين بمجموعة الحقوق والحريات الأساسية بصورة متساوية مع أقرانهم الأصحاء.

في تناوله للمعايير الدولية، تناول هذا القسم المبادئ الأساسية المكفولة في الاتفاقيات الدولية الرئيسية والتي تدعم حقوق المعاقين، كما تناول الإعلانات الدولية الخاصة بهذه الفئة مثلى إعلان حقوق المعاقين (1975)، وإعلان حقوق الأشخاص المتخلفين عقليا (1971)، وإعلان التقدم والتنمية في الميدان الاجتماعي ومبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية. وغيرها من الصكوك ذات الصلة التي اعتمدتها الجمعية العامة، وتوقف تفصيلا عند القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين التي أقرتها الدورة الثالثة والأربعين للجمعية العامة في 20 ديسمبر 1993.

حيث وضعت هذه القواعد بالاستناد إلى التجارب المكتسبة أثناء عقد الأمم المتحدة للمعوقين (1983 – 1992) وتستند إلى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة، فضلا عن برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين، ومع أنها غير إلزامية فإنها تنطوي على إلزام معنوي وسياسي قوى للدول باتخاذ إجراءات لتحقيق تكافؤ الفرص للمعاقين كما أنها تتضمن مبادئ هامة تتعلق بالمسئولية والعمل والتعاون، كما تشير إلى مجالات ذات أهمية حاسمة بالنسبة لنوعية الحياة، وتحقيق المشاركة والمساواة الكاملتين، وتشكل أساسا للتعاون التقني والاقتصادي بين الأمم ومن خلال الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.

ومنذ اعتماد الجمعية العامة للقواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص، جرى إنشاء آلية للرصد، وإصدار ملحق للقواعد الموحدة من أجل بلورة بعض المبادئ والاستجابة لمعالجة أوجه القصور التي تطرق إليها المقرر الخاص المعنى بالإعاقة في تقريره للدورة 36 للجنة التنمية الاجتماعية. وتتمثل السمة المشتركة الأكثر وضوحاً في هذا الملحق في التركيز على احتياجات المعوقين من الأطفال والكبار الأشد ضعفاً.

ويوضح هذا القسم أن العام 2001 شهد أكثر الخطوات أهمية على طريق إبرام اتفاقية دولية تسبغ الحماية القانونية على حقوق الأشخاص المعاقين حيث صدر قرار من الجمعية العامة تمت صياغته من قبل المكسيك، ينادى بضرورة إبرام اتفاقية تتناول حقوق الأشخاص المعاقين، وتشكيل لجنة للنظر في الاقتراحات الخاصة بالاتفاقية، ودعت هذه اللجنة العام 2003 إلى تشكيل فريق عامل يختص بالصياغة وتوالت اجتماعات اللجنة، والفريق العامل خلال العام 2004 وتوصلا إلى نص مسودة اتفاقية خاصة بحقوق الأشخاص المعاقين لتكون أساساً للمفاوضات فيما بعد.

في الإطار العربي، لم تنفصل الدول العربية عن الجهود الرامية إلى تعزيز وضمان حصول الأشخاص المعاقين على الحماية القانونية الملائمة من أجل تمتعهم بكافة الحقوق الخاصة بهم. سواء على المستوى المحلى بتبني خطط وسياسات معينة، أو على المستوى الإقليمي والدولي وذلك من خلال الجامعة العربية، ودعم الجهود الدولية من أجل التوصل إلى اتفاقية دولية. وفي هذا الإطار شهدت المنطقة عدة ندوات مهمة من بينها “مؤتمر الإعاقة في الوطن العربي: الواقع والمأمول”، الذي عقد في بيروت في أكتوبر 2002، وقد صدرت عنه توصيات مهمة، وكذلك “المؤتمر الإقليمي العربي بشأن المعايير المتعلقة بالتنمية وحقوق الأشخاص ذوى الإعاقات” والذي عقد في لبنان أيضا في مايو 2003 والذي قامت بتنظيمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا بمشاركة بعض إدارات الأمم المتحدة والحكومات العربية وبعض المنظمات العربية غير الحكومية، في سياق التحضير للعقد العربي للمعاقين 2004-2013 الذي أقره مجلس وزراء الشئون الاجتماعية في دورته الثانية والعشرون.

حقوق الأقليات

يتناول القسم الخامس من هذا الفصل حقوق الأقليات، ويوضح الصعوبات التي تعتري مفهوم الأقلية، والتي حدت بالفريق العامل المعنى بالأقليات للأخذ بأسلوب قبول مبدأ الهوية الذاتية، وبمقتضاه يعتبر تحديد الأشخاص أنفسهم على أنهم أفراد في أقلية هو العنصر الحاسم في تعريفهم كأقلية.

ويظهر هذا القسم المفارقة بين الطابع الخطير لمشكلة الأقليات وأثرها في تفجير النزاعات، وموقف ميثاق الأمم المتحدة منها، حيث لم ترد في الميثاق أي إشارة صريحة إلى حماية الأقليات، وبالمثل في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بينما جاءت أول إشارة إلى حقوق المنتمين إلى الأقليات في المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966) واستخدم هذا النص أساسا للمناقشة أثناء وضع مشروع ” إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية أو الأقليات الدينية واللغوية” الذي اعتمد في 16 ديسمبر/كانون أول 1992.

ويعد إعلان الأقليات هو الصك الوحيد للأمم المتحدة الذي يتناول على سبيل الحصر حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات، وهو لا ينص فحسب على حماية وجود وهوية الأقليات بل يعترف كذلك بأن حماية وتعزيز حقوق الأشخاص الذي ينتمون إلى أقليات يسهم في ضمان حقوق المشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة، وفي اتخاذ القرارات المتصلة بها. كما يركز الإعلان على حقوق الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات في إقامة وصيانة اتحاداتهم، وفي إجراء اتصالات حرة وسليمة عبر الحدود بمواطني الدول الأخرى الذين تربطهم بهم صلة نسب.

أما الآليات الدولية لتعزيز حقوق الأقليات وحمايتها فهي متعددة وتشمل اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات التي تأسست عام 1946 وظلت منشغلة بقضايا الأقليات رغم تغيير اسمها في العام 2000 إلى اللجنة الفرعية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، والفريق العامل المنبثق عنها “والإجراءات الخاصة”، وهيئات المعاهدات، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. ويعتبر الفريق العامل المعنى بالأقليات الذي تأسس عام 1995، هو المحفل الدولي الوحيد الذي يعنى حصرا بحقوق الأقليات.

لكن تجمع تحليلات المصادر، بما فيها تحليلات الآليات الدولية المعنية على قصور آليات تعزيز حقوق الأقليات، والحاجة الماسة لتعزيزها وتدعيم إمكانياتها للقيام بمهامها.

وفي الإطار العربي تتسم قضايا الجماعات العرقية والدينية واللغوية والمذهبية في الساحة العربية بخاصيتين متناقضتين، فهي من أكثر إشكاليات هذا الواقع حضوراً في بعض البلدان العربية، وفي المقابل الأكثر غيابا في حقول الدراسات السياسية والاجتماعية العربية على الصعيدين الوطني والقومي. ويرجع ذلك بالطبع إلى الحساسية الشديدة تجاه قضايا الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.

ورغم أن هذه الحساسية لا تنفرد بها المنطقة بين مناطق العالم، فقد كان لها مردود سلبي حيث تخفي أحيانا توترات اجتماعية تتحول إلى نزاعات كان يمكن تلافيها بطريق أيسر كثيراً لو تمت المكاشفة بشأنها ومعالجتها بشفافية وفي إطار ديمقراطي يوفر سبل الإنصاف.

وقد شكلت قضايا الأقليات نزاعات مسلحة عميقة وعديدة في بعض البلدان العربية، ونزاعات سياسية في بلدان أخرى، وشهدت أنماطاً متعددة من الحلول مثل الحكم الذاتي في إطار الوحدة الوطنية سواء في العراق (سنة 1970)، أو السودان (سنة 1972) أو المحاصصة الطائفية كما في لبنان، لكن لم تصمد هذه الحلول وتجددت النزاعات مرة أخرى.

وتأخذ الحلول المطروحة حاليا أنماطاً جديدة تقوم على حق تقرير المصير والفيدرالية. وأقرت حكومة السودان للجنوب بخيار الانفصال بعد ست سنوات من بدء سريان اتفاقيات السلام، وجسدت الجزائر اعترافها بالهوية الأمازيجية بالاستجابة لعدد من المطالب الأمازيجية، كما اعترفت باللغة الأمازيجية كلغة مساوية للغة العربية، كما تأخذ بعض البلدان العربية بتخصيص مقاعد في مجالسها النيابية للجماعات الإثنية مثل الأردن.

ورغم أن هذه الحلول تتسق في بعض جوانبها مع التوجهات الرئيسية للإعلان العالمي لتعزيز حقوق الأقليات وحمايتها، إلا أنها لم تخل من مخاطر على السلامة الإقليمية والسلام الاجتماعي لبعض الدول، وما لم تصبح التسويات الكبرى التي تمت في بلدان مثل السودان والعراق مقدمة لحل مشكلة الجماعات القومية والإثنية الجنوبية ببعضها البعض، وحل مشكلة علاقات الأكراد بالأقليات التركمانية والعربية في كردستان العراق، فسوف تظل المخاطر تحدق بالسلامة الإقليمية والسلام الاجتماعي في هذه الأقاليم.

ويظل الإطار الأمثل لحل المعضلات الصعبة بين نهجى الاستقلال والاندماج منوطاً بالعمل الدؤوب من أجل الوصول إلى حلول سلمية في إطار ديمقراطي يسوده حكم القانون والمساواة، وتتوافر فيه سبل الإنصاف، ويسعى إلى تأكيد الوحدة والسلامة الإقليمية لكل مواطني الدول.

الفصل الرابع: آليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان والرقابة على تنفيذ الاتفاقيات الدولية

تطرق هذا الفصل من الدليل إلى كل الإجراءات التي أنشئت من جانب الأمم المتحدة من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان سواء المتعلقة بالهيئات المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة أو المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية المعنية بما في ذلك الاتفاقية الدولية لحقوق كل العمال المهاجرين وأعضاء عائلاتهم التي دخلت حيز التنفيذ في الفاتح من يوليو/تموز 2003 وذلك بهدف توضيح الخطوات العملية الواجب اتباعها من أجل مخاطبة هذه الهيئات والآليات، سواء من طرف الدول، أو المنظمات غير الحكومية، وحتى الأفراد انطلاقا من أن معرفة الإجراءات والسيطرة عليها يسهل الاستفادة من هذه الهيئات ويساعد على إعمال حقوق الإنسان.

وتأكيدا للارتباط الوثيق بين حقوق الإنسان والديموقراطية تطرق هذا الفصل للمعايير الدولية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة الانتخابات الدولية والوطنية والمساعدة التقنية التي تقدمها الأمم المتحدة للدول من أجل إجراء انتخابات حرة نزيهة.

لم يكتف هذا الجزء بالحديث عن الآليات الدولية، بل تطرق كذلك إلى الآلية الإقليمية المتمثلة في اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب باعتبار أن دولاً عربية عديدة تنتمي للنظام الأفريقي لحماية حقوق الإنسان.

على أن ما يميز هذا الفصل هو اشتباكه مع الحوار الدائر حول فعالية الآليات الدولية وسبل تعزيزها، وقد تطرق القسم الأخير من هذا الفصل لهذا الموضوع على أربعة مستويات: يتعلق الأول بالنقد الموجه للأمم المتحدة كمنظمة، من حيث عدم قدرتها على ضبط ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الدول الكبرى تجاه بعض القضايا، وإخفاقها في إيقاف بعض التدخلات العسكرية التي تمت خارج أطرها، والاختلالات الناجمة عن امتلاك بعض الدول حق “الفيتو” في مجلس الأمن.

ويتعرض المستوى الثاني للجنة حقوق الإنسان، ويوجز الانتقادات الموجهة إليها بأنها مشكلة من دول تحدد موقفها من خلال مصالحها الآنية، وليس انطلاقا من الحفاظ على مبادئ حقوق الإنسان ولذلك رأينا دولا يحفل سجلها بالانتهاكات لكن يصعب إدانة تصرفاتها داخل اللجنة، فضلا عن وجود دول داخل اللجنة تحكمها أنظمة قمعية مما أفقد اللجنة المصداقية المطلوبة وعرقل عملها، ويضاف إلى ذلك أن اللجنة أصبحت مجالا للصراع والخلافات السياسية.

ويتعرض المستوى الثالث للجان مراقبة تنفيذ الاتفاقيات ويوجز الانتقادات الموجهة لها وأهمها عدم استقلالية بعض الخبراء وارتباطهم بالموقف السياسي لبلدانهم مما أدى إلى عدم فعالية بعض اللجان، وأوردت الدراسة أن 50% من هؤلاء الخبراء يمارسون مهام حكومية ويحصلون على عضوية هذه اللجان كترقية أو مكافأة، ووجود مثل هؤلاء يحرج زملاءهم ممن يريدون الذهاب بعيداً في تحليلاتهم النقدية خوف انقسام اللجنة، كذلك تعانى هذه اللجان من نقص الإمكانيات المادية والبشرية لمواجهة العدد الكبير من تقارير الدول حيث تدرس بعض التقارير بعد سنتين من تقديمها، كما تعانى من غياب آلية متابعة للملاحظات والتوصيات الختامية التي تتوصل إليها، وكذلك من عدم تعاون الدول معها فأحيانا لا تقدم هذه الدول تقاريرها في الوقت المطلوب، وأحيانا لا تنشر الملاحظات النهائية والتوصيات الختامية التي تصدرها هذه اللجان، فضلا عن غياب الإرادة السياسية للدول في التعامل الجدي مع اللجان، وكذلك عدم اعتراف بعض اللجان بالحضور الرسمي للمنظمات غير الحكومية.

ويتعرض المستوى الرابع للجنة المنظمات غير الحكومية التابعة للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، ويوجز انتقادات المنظمات غير الحكومية لها في الآتي: اتخاذ القرارات عن طريق التوافق، منح عمليا كل عضو من أعضاء اللجنة “حق الفيتو” مما حرم كثيراً من المنظمات من الصفة الاستشارية لأسباب سياسية مما يتطلب اللجوء إلى طريقة الأغلبية في اتخاذ القرارات، كذلك لا يخدم الاجتماع كل سنتين المنظمات غير الحكومية ومن ثم نطالب باجتماع سنوي، وضرورة إعادة النظر في القرار 1296 ليتمشى مع الأوضاع الجديدة للعلاقة بين المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، والمطالبة بتوحيد نظام مشاركة المنظمات غير الحكومية في المؤتمرات الدولية للأمم المتحدة، بحيث ُتحدد القواعد من جانب الأمم المتحدة وليس من طرف الدول.

ويطرح الفصل في ختام هذا العرض اثني عشر مقترحاً من أجل تعزيز آليات الأمم المتحدة تمثل الوجه الآخر للانتقادات التي أوردها.

لكن بعد الانتهاء من إعداد هذا الفصل، دخلت مناقشات الأمم المتحدة حول تطوير هياكلها وآلياتها مرحلة جديدة من النقاش بإعلان تقرير اللجنة الدولية الرفيعه المستوى التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة برئاسة “نيار انشون” رئيس الوزراء السابق لتايلاند.
– وقد وجهت اللجنة انتقادات صارمة لبعض آليات حقوق الإنسان، فأشارت إلى أن تآكل مصداقية لجنة حقوق الإنسان، وكفاءتها المهنية مما أدى إلى تقويض قدرتها على أداء مهامها في السنوات الأخيرة، وأشارت إلى أن الدول التي ليس لديها التزام ثابت بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها لا يمكنها وضع معايير لتعزيز الحقوق، وأن دولاً طلبت في السنوات الأخيرة الانضمام إلى عضوية اللجنة لا لتعزيز حقوق الإنسان بل لحماية نفسها من النقد أو انتقاد آخرين، ولا يمكن أن تكون اللجنة ذات مصداقية إذا كانت في نظر الناس تكيل بمكيالين في التصدي للشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان. ولهذا فإن إصلاح هذه الهيئة أمر ضروري لجعل نظام حقوق الإنسان يسير بصورة فعالة، ولضمان قيامه بالولايات والمهام الموكولة إليه بصورة أفضل.
– كذلك أيدت اللجنة جهود الأمين العام، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لضمان دمج حقوق الإنسان في جميع أعمال الأمم المتحدة.
– أوصت اللجنة الدولية، بزيادة عضوية لجنة حقوق الإنسان لتصبح ذات عضوية عالمية، ومطالبة الدول الأعضاء بتكليف شخصيات بارزة وخبيرة في مجال حقوق الإنسان، وتأسيس فريق استشاري يتألف من 15 عضواً تقريباً من الخبراء المستقلين لإبداء المشورة للجنة بشأن ترشيد يتضمن الولايات “المواضعية”. كما يقوم هو نفسه ببعض الولايات الحالية المتصلة بالبحوث ووضع المعايير والتعاريف.

كذلك أوصت اللجنة بأن يطلب إلى المفوض السامي إعداد تقرير سنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم أجمع. ويمكن أن يشكل هذا التقرير حينئذ أساسا لمناقشة واقعية مع اللجنة، وينبغي أن يركز التقرير على إعمال جميع حقوق الإنسان في جميع البلدان استناداً للمعلومات المستمدة من عمل الهيئات المنشأة بموجب المعاهدات والآليات الخاصة، وأية مصادر أخرى يعتبرها المفوض السامي مناسبة .

كذلك أوصت اللجنة بدعم تمويل مفوضية حقوق الإنسان، وأظهرت التعارض بين تخصيص الميزانية العادية 2% للمفوضية، والالتزام الذي يقضى به ميثاق الأمم المتحدة بجعل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها من الأهداف الرئيسية للمنظمة، كما أوصت – على المدى الأطول- بالنظر في رفع اللجنة لتصبح “مجلساً لحقوق الإنسان” فلا تكون بعد ذلك من الهيئات الفرعية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بل هيئة من هيئات الميثاق تقف جنبا إلى جنب معه ومع مجلس الأمن، وذلك بما يعكس الأهمية التي توليها ديباجة الميثاق لحقوق الإنسان إلى جانب القضايا الأمنية والاقتصادية.

ولم تكن اللجنة الدولية وحدها التي قدمت مقترحات لتطوير آليات حقوق الإنسان فقد أعدت سويسرا وبمبادرة ذاتية مقترحاً لإصلاح لجنة حقوق الإنسان تقدمت به بشكل رسمي للأمين العام، وشارك في الحوار حوله عدة دول منها كندا والنرويج والدنمرك وبريطانيا والتشيك وبولندا، وقد تضمن المقترح ثلاثة بدائل:
1- الدعوة إلى إنشاء مجلس صغير يتراوح أعضاؤه بين 15،25 عضوا، ويكون هذا المجلس مستعداً في أي وقت وحسبما تقتضي الضرورة لتحقيق وتيرة السرعة والفاعلية في الرد على الانتهاكات التي تقدم عليها أي دولة، ويقاوم هذا الخيار أن جميع الدول غير ممثلة في هذا المجلس، ولهذا فإن عضويته تقتصر على خبراء حقوق الإنسان.
2- إنشاء مجلس من 50-60 عضوا على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، ويكون التمثيل عن طريق مندوبين للدول.
3- تكوين مجلس على غرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل فيه جميع الدول الأعضاء ويكلف بمهمة التوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في مجال حقوق الإنسان ولكن من الواضح أنه سيكون عرضة لنفس العراقيل والتعقيدات والموازنات السياسية والمصالح الاقتصادية التي تعوق عمل المفوضية ولجنة حقوق الإنسان الحالية.

وقدم أمين عام الأمم المتحدة بدوره مقترحات لإصلاح آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمام لجنة حقوق الإنسان في جنيف في 7 أبريل/نيسان 2005، وأوضح أن قضية حقوق الإنسان دخلت عصراً جديداً، ففي معظم الستين عاماً الأخيرة، اتجه تركيزنا على تفعيل وتقنيين وحفظ الحقوق، وقد أتاح هذا الجهد إطاراً من القوانين والمعايير والآليات، ومثل هذا الجهد ينبغي استمراره في بعض القطاعات، لكن عهد الإعلانات يتوارى الآن، كما ينبغي لصالح عهد التطبيقات وانطلاقا من هذا التطور اقترح تغييرات رئيسية في الأعمدة الثلاثة الرئيسية لنظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الهيئات التعاهدية، مكتب المفوض السامي، والمنظمات بين الحكومية على النحو التالي:
• توسيع وتقوية نظام الهيئات التعاهدية حتى تستطيع أن تؤدى وظائفها، ويجب أن توضع الإجراءات العاجلة لتمكينها من العمل الفعال.
• مواجهة متطلبات اتساع دور مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وتذليل العقبات التي تعترض عمله، وتوفير موارد إضافية له، تتناسب مع المهام الجسيمة الموكولة إليه، وقد ’طلب إليه إعداد خطة عمل في هذا الشأن.
• دعوة الدول الأعضاء لإحلال لجنة حقوق الإنسان بمجلس أصغر لحقوق الإنسان. حيث إن الاحتياجات الجديدة تجاوزت قدرات اللجنة، كما أدى تسييس عملها وانتقائيته إلى درجة تلقى بظلالها على سمعة نظام الأمم المتحدة بأسرة، ولن تكون الإصلاحات الجزئية كافية، ويستطيع مجلس حقوق الإنسان أن يقدم بداية جديدة ويكون للمنظمات بين الحكومية المعنية بحقوق الإنسان صفة فيه، كما يكون له من السلطات والقدرات ما يتناسب مع أهمية عمله.

إن الأمم المتحدة بها بالفعل مجالس تتعامل مع هدفيها الرئيسيين الأمن والتنمية ومن ثم فإن تأسيس مجلس ثالث لحقوق الإنسان يطرح وضوحاً مفهوميا، ومفصليا، وقد اقترحت أن يكون هذا المجلس هيكلاً مستديما، قادراً على الاجتماع كلما دعت الحاجة وليس مجرد الاجتماع لمدة ستة أسابيع كل عام كما هو قائم حاليا، ويكون هدفه الرئيسي هو تقييم تطبيق كل الدول لالتزاماتها تجاه كل حقوق الإنسان، وسوف يعطى هذا تعبيراً محدداً لمبدأ أن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة، وسوف يتم إعطاء عناية متساوية للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، جنبا إلى جنب مع الحق في التنمية، وسوف يجهز بحيث يستطيع تقديم مساعدات فنية للدول، وإبداء النصح بسياسات للدول وهيئات الأمم المتحدة بالمثل.

وفي ظل مثل هذا النظام، سوف يمكن لكل دولة عضو أن تحضر للمراجعة أمام المجلس بشكل دوري، ولا تعرقل مثل هذه المراجعة الدورية المجلس عن التعامل مع الانتهاكات الواسعة والقمعية التي يمكن أن تحدث، وسوف يكون المجلس قادراً على تسليط اهتمام المجتمع الدولي على الأزمات العاجلة.

ويتعين أن يكون هذا المجلس أكثر محاسبة وتمثيلا، ومن ثم اقترح أن يتم انتخابه من جانب الجمعية العمومية بأغلبية الثلثين وأن يكون لهؤلاء الذين يُنتخبون التزام بأعلى المعايير الدولية، كما أن انتخابهم بأغلبية الثلثين سيجعل هؤلاء الأعضاء أكثر قدرة على المحاسبة، والمجلس ككل أكثر تمثيلا.

الفصل الخامس: الحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان والشعوب

استعرض هذا الفصل موضوعه من خلال أربعة أقسام رئيسية تناولت جهود الأمم المتحدة لتكريس وإعمال الحق في التنمية، ومضمون الحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان والشعوب، والسياسة الدولية المتبعة والعقبات أمام إعمال الحق في التنمية، وأخيراً متطلبات إعمال الحق في التنمية.

وفي تناوله لجهود الأمم المتحدة، تابع الفصل تلك الجهود منذ العام 1977 حتى صدور إعلان الحق في التنمية عام 1986، وخلص إلى أن قرار الجمعية العامة بإقرار هذا الإعلان جاء متوازنا يوفق بين مختلف المواقف حيث اعتبر الحق في التنمية حقاً من حقوق الإنسان إلى جانب كونه حقا من حقوق الشعب، وركز على الفرد كمستفيد أساسي من التنمية، وعلى الدولة كمسئول أول عن إعمالها، لكن في إطار تعاون دولي يستهدف تشجيع تنمية البلاد النامية، وضرورة إزالة العقبات الخارجية أمام ممارسة حقوق الإنسان والشعوب، فضلا عن العقبات الداخلية الناتجة عن عدم احترام حقوق الإنسان التي لا تقبل التجزئة. وإذا كان الإعلان يركز على البعد الداخلي للحق في التنمية، ومسئولية الدولة في إعماله، فلم يهمل البعد الدولي ومسئولية الدول الغنية.

كذلك استعرض هذا الفصل الجهود اللاحقة من أجل تفعيل إعلان الحق في التنمية وتوقف عند الآلية الجديدة للمتابعة اعتباراً من العام 1998، من خلال تعيين خبير مستقل حول الحق في التنمية، وفريق عمل ذي تركيبة غير محدودة لمتابعة التقدم المحرز في إعمال هذا الحق، وتوقف أيضا بصفة خاصة عند توصيات الخبير والتي شملت أربعة جوانب: برنامج للتنمية مبنى على الحقوق، وتقليص الفقر وتحسين المؤشرات الاجتماعية، ومواثيق للتنمية تبرمها الأطراف بناء على التزامات متبادلة، وآليات للمراقبة هدفها تقييم إعمال مختلف الحقوق والالتزامات تكون مستقلة عن الآليات التعاهدية.

وفي تناوله لمضمون الحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان والشعوب، يخلص هذا القسم إلى أن الطابع الأساسي للبعد الداخلي للحق في التنمية يلتقي مع مبدأ أساسي كرسه القانون الدولي لحقوق الإنسان وهو أن المسئولية الأولى عن احترام حقوق الإنسان تقع على عاتق الدولة، فالنهوض بها مسئولية وطنية تقع بالدرجة الأولى على عاتق كل دولة إزاء مواطنيها في إطار احترام التزاماتها الدولية .

ويلتقي هذا البعد الداخلي للحق في التنمية مع مفهوم التنمية الإنسانية الذي يجعل الإنسان في قلب عملية التنمية، كفاعلها الرئيس والمستفيد الأساسي منها أيضا، وهو مفهوم كرسه إعلان الحق في التنمية قبل أن يظهر بشكل ثابت في الفكر التنموي، كما يلتقي هذا البعد مع مفهوم الحكم الجيد القائم على المشاركة والشفافية وترشيد السياسات العامة. وهكذا يمكن القول إن الحق في التنمية على المستوى الوطني يرتكز على عنصرين كبيرين هما: الحق في المشاركة في سياسات ومسلسل التنمية، والحق في التمتع بكافة حقوق الإنسان في سياسات ومسلسل التنمية.

أما البعد الدولي للحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان والشعوب، كما يخلص إليه هذا الفصل، فيتضمن ثلاثة عناصر وهى الحق في التنمية كحق للمشاركة على قدم المساواة في العلاقات الدولية، وكحق في معاملة تفضيلية لتسهيل التنمية، وكحق في مساعدة دولية مشروطة باحترام حقوق الإنسان، وكما يتوقع فقد استأثر العنصر الأخير المثير للجدل بتفصيل مسهب، وجرت مقاربته على اعتبار أن الحق في التنمية يتطلب من الناحية المبدئية ربط المساعدة على التنمية باحترام حقوق الإنسان، ولكنه ربط ذلك بجملة من المبادئ حتى يكون موضوعياً وفعالاً ومساهماً في إعمال وتحقيق وإعمال الحق في التنمية، وتتعلق هذه المبادئ بالاتفاق على مفهوم حقوق الإنسان، واعتماد مرجعية موثوقة للتقييم، وبأولوية التدابير الإيجابية وأولوية المعالجة الدولية، ومبدأ التناسب، ومبدأ احترام حقوق الإنسان في التدابير المتخذة باسم احترامها، وعدم الانتقائية، واستبعاد الاستعمال الانفرادي للقوة لدعم احترام الإنسان، ومبدأ الرقابة الدولية على التدابير المتخذة باسم حقوق الإنسان.

وفي تحليله للعراقيل أمام إعمال الحق في التنمية، تناول هذا الفصل نمطين من العراقيل، الأول داخلي ويتعلق بمنع المشاركة الديمقراطية وعرقلة التمتع بحقوق الإنسان في سياسات التنمية، ويوضح أن هذا الخطر سائد في معظم دول العالم الثالث، ” ففي هذه البلدان فإن أهم صناعة هي السلطة، وهى أخطر وأقوى أداة لتراكم وصنع الثروات، وفي غياب طبقة صناعية قوية ومستقلة عن السلطة، فإن امتلاك السلطة يعد أهم مصدر للتراكم، وحتى في مجال القطاع الخاص فإن النجاح فيه يتوقف كثيراً على العلاقة مع السلطة ودعمها.

أما النمط الثاني من العقبات أمام إعمال الحق في التنمية فهي العقبات الدولية، وأهمها التدخلات متعددة الأشكال التي تقوم بها بعض الدول العظمى سواء بغطاء من مجلس الأمن أو بشكل انفرادي، وتدخل المؤسسات المالية الدولية لفرض نموذج اقتصادي واجتماعي وسياسي يضرب أسس الحق في التنمية، وعدم ارتقاء التعهدات الدولية للمساعدة على التنمية إلى ما يتطلبه الوضع، فضلا عما يكتنف الاشتراطية الدولية من تناقضات خطيرة تحد كثيراً من فعاليتها أمام قوة الآليات والممارسات المنافية للحق في التنمية. وفي شأن هذه القضية الأخيرة تحلل الدراسة أهم نموذجين للاشتراطية وهما التجربة الأمريكية ، وتجربة دول الاتحاد الأوروبي.

ويصل الفصل إلى ختامه بدراسة متطلبات إعمال الحق في التنمية، ويقسمها بدورها إلى متطلبات دولية وداخلية. وتركز الأولى على إصلاح بعض مؤسسات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها مجلس الأمن، والمؤسسات المالية الدولية في إطار الإصلاحات المنشودة للمنظمة الدولية ذاتها. فيما تركز الثانية على الإصلاحات اللازمة على المستوى الوطني من خلال تحديد مسئوليات على عاتق القوى الديمقراطية في الإصلاح من ناحية وفي إطار تحالفاتها الإقليمية والدولية من ناحية أخرى.

الفصل السادس : نحو منهج للتنمية القائمة على حقوق الإنسان

يوضح هذا الفصل أن مفهوم التنمية القائمة على منهج حقوق الإنسان، أو إدماج حقوق الإنسان في التنمية مفهوم حديث نسبياً، لم يتحقق له بعد الاستقرار أو الاستيعاب التام من جانب الجهات التنموية كافة أو المجتمع المدني أو المؤسسات الممولة أو منظمات الأمم المتحدة، فضلا عن أن المفهوم في حد ذاته لا يخلو من صعاب وتعقيد.

وفي سبيل توضيح أبعاد مفهوم التنمية القائمة على حقوق الإنسان تطرق هذا الفصل لتطور مبادئ حقوق الإنسان وبالمثل مفهوم التنمية وصولا إلى الإعلان العالمي للحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان في العام 1986. ويبين أن إعلان الحق في التنمية على الرغم من تحفظ بعض الدول الرأسمالية الكبرى عليه جاء ليؤكد أنها حق من حقوق الإنسان، وليس مجرد التماس أو طلب من الأفراد يجوز للحكومات أن تستجيب له أو ترفضه، وأنه – أي الإنسان- يشكل الموضوع الرئيسي للتنمية، أي المحور، لعملية التنمية وأنه يجمع بين المشاركة فيها والاستفادة منها، أي أنه الوسيلة والغاية لعملية التنمية، غير أن الحقيقة على أرض الواقع لم تحقق إنجازاً كبيراً يذكر في إعمال الحق في التنمية على مرتكزات حقوق الإنسان حتى بداية التسعينيات حين انعقد عدد من المؤتمرات والقمم الدولية سعت جميعها للتأكيد على الحق في التنمية على اعتبارها حق من حقوق الإنسان غير قابلة للانتقاص بالنسبة للأفراد والجماعات.

> ويخلص هذا الفصل أن نهج إدماج مفهومي حقوق الإنسان والتنمية يقتضي تحديد أهداف التنمية من منطلق حقوق معينة قابلة للتنفيذ، مرتبطة بالمعايير القانونية الواردة في الإعلان العالمي ومواثيق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية والوطنية، ويقتضي ذلك عدة شروط منها تبنى المعايير القانونية الدولية وإدماجها في برامج التنمية، وجعل الحكومات مسئولة بصفة مباشرة عن تفعيل تلك الحقوق بالنسبة للحقوق والفئات المختلفة من مواطنيها بصفتها حقوق وليس احتياجات ترى الحكومة جواز توفيرها، وتقديم العون للحكومات لتفعيل تلك الحقوق، وتبنى مؤشرات حقوقية وتنموية وإجراء رصد منظمة لضمان تحقيق الوفاء بتلك الالتزامات.

كما يخلص هذا الفصل أيضاً إلى أن هذا المفهوم يقتضي الأخذ في الاعتبار عدة مبادئ كشروط أساسية لإدماج حقوق الإنسان في التنمية أهمها عالمية مبادئ حقوق الإنسان وتداخلها وعدم قابليتها للتجزئة، ورفع درجة المسئولية والمحاسبة في عملية التنمية بتحديد أصحاب الحقوق واستحقاقاتهم، وبالمقابل من تقع عليه الواجبات والتزاماتهم.

كذلك ينبغي أن يستند المنهج على الحق وليس الحاجة أو الخبرة، بمعنى أن يكون المستفيدون من التنمية ملاّكاً ومديرون لذلك الحق، مع التأكيد على أن الإنسان محور ومرتكز عملية التنمية مباشرة أو من خلال من يمثله من خلال مؤسسات المجتمع المدني فالهدف هو إعطاء البشر القدرة والقوة والكفاءة اللازمة لتحسين حياتهم والارتقاء بمجتمعاتهم والسيطرة على مصائرهم.

> ويتطلب هذا النهج كذلك قدراً واسعاً من مشاركة الفئات الاجتماعية المختلفة وإسهامها إسهاما خفيفا وفاعلا وليس مجرد إسهام مظهري أو رمزي إذ من الضروري إيلاء الاهتمام الكامل للانفتاح والشفافية وإتاحة الفرصة للفئات المختلفة أن تعلم بسياسات وخطط التنمية والتعبير عن رأيها وطرح منظورها وطموحها، ما يعنى الطرح العلمي للمشاريع والبرامج والأنشطة المتعلقة بالتنمية والمؤسسات المعنية بها ونشر الوعي بها وسبل وآليات المعالجة والإصلاح بالنسبة للمستفيدين والشركاء.

ولما كان التمييز بين البشر يعنى وضع فئة منهم في وضع أحسن حالاً من الفئات الأخرى وبالتالي الانتقاص من حقوق هذه الأخيرة فإن هذا النهج يقتضي إزالة القوانين والمؤسسات التي تميز تميزاً ضد أي صفة أو فرد، وتوفير الموارد اللازمة كل الفئات والأفراد، ومن هنا فإن منطلق التنمية القائمة على حقوق الإنسان يعنى الإيلاء التام للمساواة بين الجميع وخاصة الفئات المهمشة. وليس هناك قائمة محددة أو موحدة لهذه الفئات إذ تتفاوت حسب الزمان والمكان، فمن الضروري أن تفرز المعلومات التنموية قدر الإمكان حسب التوزيع العرقي والديني واللغوي والدور الاجتماعي والعناصر الأخرى ذات الصلة بحقوق الإنسان وأن يتم تحديد كيفية توزيع عوائد التنمية، ومن المستفيد ومن المحروم منها.

يستطرد هذا الفصل بعد ذلك في تحليل دور الأمم المتحدة وأجهزتها في هذه المهمة وجهود هيئاتها المختلفة في هذا الشأن بدءا من مكتب المفوض السامي الذي يتولى الدور القيادي في مجال حقوق الإنسان على مستوى العالم، إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجهودهما المشتركة، كذلك من خلال تجربة اليونيسيف التي تعد رائدة في مجال إدماج حقوق الإنسان في التنمية.

> ويختص الجزء الأخير من هذا الفصل بوسائل إدماج حقوق الإنسان في التنمية وقد ركز على خمس وسائل هي: (1) مذكرة التفاهم بين مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، (2) والتقييم القطري المشترك/إطار الأمم المتحدة للتعاون التنموي، (3) اللذين يعدان من أهم الأدوات الاستراتيجية للتخطيط التنموي وإدماج حقوق الإنسان في التنمية وأهداف الألفية الإنمائية (4) واستراتيجية خفض الفقر(PRS ) (5) ودور اللجان التعاقدية .

ويخلص هذا الفصل في خاتمته إلى أن عملية إدماج حقوق الإنسان في التنمية تظل مسألة تراكمية، تتطور من وقت لآخر إلى حين تترسخ القناعة وتنبني الإرادة، ويتبلور الالتزام بها من جانب الوكالات الدولية والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والمانحين.

ويتناول الفصل السابع التعريف بأهم المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتنمية وبعضها فروع للأمم المتحدة،

نشأت بموجب قرارات من الجمعية العامة للأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) وغيرها من الأفرع التي يعمل كل منها بشكل مستقل، وله مجلس إدارة خاص به، وبعضها الآخر هو الوكالات المتخصصة مثل منظمة العمل الدولية(ILO) ومنظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) وهذه الهيئات منظمات مستقلة تماما، بل ويسبق تأسيس بعضها وجود الأمم المتحدة ذاتها، مثل منظمة العمل الدولية التي تأسست بمقتضى اتفاقية فرساي عام 1919، وأصبحت منذ العام 1946 أولى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة ولكل من هذه المنظمات ميزانيتها الخاصة، وأجهزة صنع قرار خاص بها، ولكنها ترتبط بالأمم المتحدة “باتفاقيات وصل” .

وتتنوع أهداف وغايات هذه المنظمات، فبعضها يستهدف غايات إنمائية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة اليونيدو التي تستهدف زيادة التنمية الصناعية، وبعضها يستهدف حماية ودعم فئات مختلفة مثل منظمة العمل الدولية التي تستهدف حماية حقوق العمال وتحسين شروط العمل، وصندوق الأمم المتحدة للمرأة يونيفام الذي يعمل من أجل تعزيز المكانة السياسة والاقتصادية للمرأة بالتركيز على حقوق المرأة وإدماجها في حركة حقوق الإنسان العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة الذي يعمل على حماية الأطفال وتعزيز الشروط المناسبة لبقائهم ونموهم وتطورهم، والمفوضية السامية للاجئين التي تعمل على إغاثة وحماية اللاجئين وتأهيلهم وإعادة توطينهم.

وتوفر هذه المنظمات قوة دفع رئيسية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة في التنمية وحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويلعب بعضها دوراً مماثلاً للدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في صياغة وتشكيل المعايير الدولية في قطاعات محددة على نحو ما تفعل منظمة العمل الدولية في مجال معايير العمل، والتي توصلت إلى ما يزيد على 300 اتفاقية دولية وتوصية في هذا الشأن، ومنظمة اليونسكو في مجال الحقوق الثقافية، لكن هذا الدعم المتبادل للأهداف وتداخلها، إن لم يكن تطابقها في بعض الحالات، لا يعنى أن هذه الهيئات الدولية تستنسخ أهداف بعضها البعض، أو أنها تتطابق في الوسائل والأساليب، وإذا عدنا للمثال ذاته الذي سبق إيراده حول المساحة المشتركة بين منظمة العمل الدولية والأمم المتحدة، فسوف نستخلص بسهولة ثلاث مجالات يتطابق أحدها مثل الحقوق النقابية، والمفاوضة الجماعية، ويتباين أحدها تماما مثل اهتمام منظمة العمل الدولية ببعض الشروط المهنية للعمل، وتتداخل أبعاد الاهتمام في المساحة الثالثة حيث تهتم الأمم المتحدة بمعايير لا يمكن إعمال الحق في العمل بغيرها، كما تهتم منظمة العمل الدولية بتفصيلات لا يمكن ضمان إعمال العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بغيرها.

> وتتباين طبيعة العلاقات بين هذه المنظمات والمنظمات غير الحكومية، ليس فيما هو متوقع فحسب مثل نوعية المنظمات المتعاونة اتصالاً بالأهداف المشتركة كأن أن تكون الروابط الأساسية لمنظمة العمل الدولية مع المنظمات العمالية أو روابط منظمة الصحة العالمية مع هيئات طبية أو علمية الخ، ولكن يأتي التنوع أيضا خارج الأطر المتخصصة، فخارج إطار المنظمات العمالية، تتعاون منظمة العمل الدولية مع منظمات غير حكومية في إطار ترتيبات شبه تعاقدية لتنفيذ مهام معينة مثل الإحصائيات، والدراسات، والتدريب.. ولا تقتصر روابط المفوضية السامية لشئون اللاجئين على منظمات الإغاثة أو العون الإنساني فحسب بل تمتد لمنظمات غير حكومية تعنى بمجالات التعليم والتربية وحقوق الإنسان وغيرها.

كما تتنوع كذلك الأسس التنظيمية للعلاقات والتعاون بين المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، فيمنح معظمها الصفة الاستشارية لعدد محدود من المنظمات الدولية غير الحكومية، كما يمنح بعضها الصفة الاستشارية للمنظمات الدولية الإقليمية، ويوفر بعضها مستويات أخرى للتعاون من خلال القائمة أو حتى خارج المعايير السابقة.

وتقدم “خدمة الأمم المتحدة غير الحكومية للاتصال”(NGLS) خدمة جليلة لدعم الاتصالات بين المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وهى عبارة عن وحدة للاتصال بين الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، والبرامج والصناديق، والإدارات والمانحين، أنشئت في العام 1975 بناء على مبادرة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وإدارة الأمم المتحدة للإعلام العام وتدعمها عدة هيئات دولية بهدف دعم الحوار والتعاون والاتصال بين أجهزة الأمم المتحدة وبين المنظمات غير الحكومية وخاصة في مجالات التنمية البشرية المستدامة، والبيئية، والتنمية، والاقتصاد العالمي، وإنعاش وتنمية أفريقيا. وتصدر NGLS عدد كبير من الإصدارات التي تعبر عن مصالح وأنشطة المنظمات غير الحكومية ونظام الأمم المتحدة.

الفصل الثامن: المؤسسات الوطنية واللجان البرلمانية والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والتنمية

يهدف هذا الفصل إلى التعريف المؤسسات الوطنية واللجان البرلمانية والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان والتنمية في العالم العربي، ووسائل الاتصال بها. وهى مهمة تبدو في ظاهرها هينة ولكنها في حقيقة الأمر كانت بمثابة “السهل الممتنع”، بدءا من مشكلة التصنيف إلى مشكلة الاختيار الموضوعي المحايد الذي يلبى احتياجات الدليل. وبينما تعترف الدراسات النظرية والميدانية بإشكاليات المصطلح فقد بقيت دون حل، ووقع على فريق إعداد الدليل مسئولية التحديدات التي لم تخل من مجازفة.

كذلك لم تخل معايير اختيار المنظمات التي يتناولها الدليل من الصعوبة، فمع تزايد أعداد المنظمات غير الحكومية العاملة في مجالي حقوق الإنسان والتنمية البشرية في العالم العربي جراء تعمق الوعي بدورها، وتزايد الاحتياجات الاجتماعية لها، والتراجع التدريجي للقيود التشريعية على تأسيسها، شهدت طفرة في أعدادها تجعل من تناولها حصرا في مثل هذا الحيز المحدود أمراً مستحيلاً، وفرض هذا بدوره اجتهاداً في الاختيار لا يخلو من تعسف.

ورغم هذه الإشكاليات، فإن المجتمع المدني في العالم العربي بصفة عامة ومؤسسات حقوق الإنسان بصفة خاصة تتسم بحيوية كبيرة في مسيرة تطورها وانتشارها، تتجلى في التوالد المستمر والمكثف لهذه المؤسسات، وتعدد وتنوع مجالات عملها ونشاطها بين العمومية والتخصص، وبين الإقليمية والوطنية والمحلية، فضلاً عن قدر من الروح التنافسية لها نتائجها الإيجابية كما لها من نتائج سلبية في بعض الأحيان.

كما أن تطور الاهتمام بالمساحات والمفاهيم الجديدة يعد سمة إيجابية أخرى، فعلى سبيل المثال، اتساع الاهتمام ليشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية جنباً إلى جنب مع الحقوق المدنية والسياسية، وتطور اهتمام مؤسسات حقوق الإنسان في العالم العربي بكون الديمقراطية أحد الحقوق الأساسية، وبمفاهيم التنمية البشرية أو الإنسانية القائمة على حقوق الإنسان، والحكم الجيد أو الصالح، وبقضايا متصلة مثل البيئة والمياه ..

ورغم هاتين السمتين الإيجابيتين في حراك المؤسسات الحقوقية، إلا أن هذا الحراك تضمن كذلك غياب بعضها بعد فترة من تكوينها ونشاطها، أو عدم قدرتها على العمل بعد لحظة تكوينها تحت وطأة الضغوط الموضوعية أو الذاتية.

وتؤدي مختلف هذه السمات إلى صعوبات في عملية رصد هذه المؤسسات وانتشارها في ضوء غياب الإحصاءات الرسمية أو شبه الرسمية، وإن كانت الصعوبات تنحسر نسبياً عند رصد المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان مع نشاطها المستمر ورغبتها في الإعلان عن نفسها، إلا أن هذه الصعوبات تتزايد مرة أخرى عندما يكون الطلب متعلقاً ببعض بيانات تفصيلية عنها.

ويؤكد هذا المعنى أن عدداً من الأدلة الحديثة الصادرة عن هذه المؤسسات والصادرة عن جهات وطنية أو إقليمية أو دولية ورغم تقديم بعضها بيانات واسعة وشبه شاملة، إلا أنها لم تكن ملبية عند إعداد القسم الماثل، فكثيراً من البيانات كـ”اسم المسؤول أو المسير” و”وسائل الاتصال” وتطور “نطاقات الاهتمام” قد أصابها التغير، بل إن بعض المؤسسات الواردة في هذه الأدلة لم تعد قائمة أو ممارسة لعملها.

ويعرض هذا القسم لقرابة 150 من المنظمات غير الحكومية العاملة في مجالات حقوق الإنسان بشكل عام أو متخصص (المرأة – الطفل) أو عاملة في مجالات تنمية الديمقراطية والتنمية البشرية أو الإنسانية القائمة على حقوق الإنسان – وهي لا تزال محدودة العدد – وذلك في سبعة عشر بلداً عربياً، فضلاً عن بعض المنظمات العاملة على المستوى الإقليمي، مع تقدير أن عدد المنظمات ذات الصلة التي يمكن رصدها على الساحة العربية قد يصل عملياً إلى ضعف هذا الرقم، لكن ذلك لا يعني أنه جرى انتخاب أو تزكية المنظمات الواردة دون غيرها، بل يعكس ذلك فقط الصعوبات التي تكتنف عملية الرصد، وخاصة سمتي التطور والحراك.

وقد تعذر عرض بيانات خاصة بأربع بلدان عربية، منها سلطنة عمان وجيبوتي وقطر لغياب وجود تشكيلات حقوقية غير حكومية فيها، وبينها بحكم المتغيرات الصومال نظراً لطبيعة الظروف القائمة فيه لصعوبة التواصل مع المنظمات الحقوقية فيهز

ويبقى أن العراق وعلى الرغم من تنامي حركة المجتمع المدني فيه عقب وقوع الاحتلال والتوالد السريع لمؤسسات المجتمع المدني عامة والمؤسسات الحقوقية خاصة، غير أن هذا التوالد السريع صاحبه متغيرات أسرع وإشكاليات عميقة وجوهرية تتعلق بقضية الاحتلال والاستقطاب الأهلي وتداعياتهما، يصعب معها تقديم مادة تتسم بالثبات والقابلية للتطوير في الوقت الحالي.

واتساقا مع ذلك، فقد تقرر أن تكون المادة الواردة في هذا القسم موضع تغيير وتطوير مستمر، وذلك من خلال إتاحتها على الموقع المخصص للمشروع العربي حول حقوق الإنسان والتنمية البشرية في العالم العربي www.arabhumanrights.org للإطلاع من قبل الكافة، مع تطويرها بشكل دوري، سواء عبر قيام المنظمات غير المذكورة بإرسال البيانات الخاصة بها على الموقع، أو بقيام المنظمات المذكورة بتطوير وتحديث المادة الواردة عنها.

فضلاً عن ذلك، فإن المنظمة العربية لحقوق الإنسان بصفتها المؤسسة المسئولة عن الإشراف والتنفيذ في المشروع من ناحية، وكذا المؤسسة المسئولة عن إدارة الموقع الإلكتروني للمشروع بدءاً من مايو/أيار 2005، فإنها سوف تتولى عبر جهازها الفني عملية التطوير والتحديث، سواء من خلال تلقي طلبات إضافة المنظمات وتطوير بيانات المذكور منها وتوسيع نوعية البيانات، أو من خلال جهد مباشر تستدعيه جوانب أنشطتها وحملاتها ومشروعاتها الإقليمية الأخرى.

الفصل التاسع: دليل المصطلحات والمفاهيم

استهدف هذا الفصل التاسع والأخير من الدليل العربي لحقوق الإنسان والتنمية البشرية، تحقيق ثلاثة أهداف أساسية: أحدها إيضاح بعض المصطلحات القانونية التي تثير الالتباس، سواء بسبب تنوع المرجعيات ذات الصلة ما بين أنجلوساكسونية ولاتينية وإسلامية في البلدان العربية التي يستهدفها الدليل بمادته العلمية. والثاني التمييز بين عدد من المفاهيم العامة المتداخلة، والتي يعزى تداخلها إلى أسباب منها الصلة الوثيقة بين مفهوم وآخر كما بين الاستفتاء والانتخاب، أو بين البرلمان والمجلس المحلى. والثالث رصد بعض أبرز المفاهيم الجديدة في مجال حقوق الإنسان والتنمية، وتحليل الأبعاد الجديدة لمفاهيم سبق تداولها في المجال ذاته. وارتباطاً بهذه الأهداف الثلاثة، ينقسم هذا الفصل إلى ثلاثة أقسام رئيسية تغطى المصطلحات القانونية المتداخلة، والمفاهيم العامة المتداخلة، والمفاهيم الجديدة والمتجددة على التوالي.

استندت اختيارات هذا القسم إلى بعض المحددات المنهاجية التي حكمت إطاره العام ومثلت ضابطاً له، وأهم تلك المحددات ما يتعلق بمجالي التضمين والاستبعاد التي خضعت له المصطلحات والمفاهيم المتصلة بحقوق الإنسان والتنمية. ومنذ البداية، من المهم التأكيد على أنه لم يكن في ذهن أي من القائمين على إصدار الدليل، أن يكون هذا الدليل حصرياً شاملاً لكل ما يمكن له أن يشمل، بل كان عليه بالضرورة أن يكون استثنائيا،ً أي يشمل ما ينبغي أن يشتمل عليه.

وعلى الرغم من أنه يجوز الاختلاف حول ما الذي ينبغي تناوله وما الذي لا ينبغي، إلا أنه يمكن القول إن عملية الاختيار خضعت لمداولات واسعة بين عدد من أبرز المختصين في دراسات حقوق الإنسان والتنمية، وجاءت على خلفية مطالعة عدد كبير من الموسوعات والأدلة والمعاجم التي تعكس قائمة المصادر والمراجع بعض نتائجها. إضافةً إلى ذلك فقد روعي في اختيار المفاهيم والمصطلحات إزجاء حاجة لمسها القائمون على إصدار هذا العمل بحكم خبرتهم في حقوق الإنسان على المستوى العربي، أي الحاجة إلى نشر الوعي والمفاهيم المختلفة التي تعبر عن المعنى نفسه أو عن معنى قريب منه من بلد عربي أو آخر، وهو ما يطلق عليه البعض تجسيد الفجوة بين المشرق والمغرب العربيين، والأفضل أن يوصف بتنمية الوعي العربي بثقافة حقوق الإنسان. وفوق ما سبق فإن هذه المادة تظل قابلة لمزيد من التطوير والإضافة في إطار خطة التجديد المتواصل لمجمل مادة الدليل التي ستبث على شبكة المعلومات الدولية على الموقع الخاص بالمشروع.

ضابط منهاجي آخر يتعلق بالتمييز الذي سوف يجده القارئ الكريم لهذا العمل بين المصطلح والمفهوم. وينبع هذا التمييز في الواقع من كون المصطلح يشير إلى اللفظ الذي يصطلح مجموعة من المختصين في فرع من فروع المعرفة على إكسابه معنىً محدداً بذاته، بحيث يصير الاتفاق بين هؤلاء المختصين هو محل التعريف ومحدده. ومن قبيل ذلك اتخاذ مصطلح البنية معنىً مختلفاً في مجالي علم الاجتماع والسياسة. أما المفهوم فإنه يتخذ طابعاً أكثر تحديداً من الطابع الوضعي الذي يميز المصطلح، كونه يجسد القيم النابعة من داخل كل حضارة من الحضارات الإنسانية. ومن قبيل ذلك مفهوم الديمقراطية في سياق الحضارة الغربية ومفهوم الشورى في نطاق الحضارة العربية الإسلامية.

الضابط المنهاجي الثالث يختص بمصادر الدليل، وهى إشكالية حقيقية واجهها القائمون على إصدار العمل. وذلك أنه بالإضافة إلى المعاجم والموسوعات والأدلة التي استعين بها والتي سبقت الإشارة إليها، كان هناك فيض من وثائق الأمم المتحدة التي تتصل بمادة الدليل وبأقسامه الثلاثة، وذلك فضلاً عن مقالات الرأي والدراسات الأكاديمية الرصينة. وفي التعامل مع هذه الإشكالية حرص معدو الدليل على التركيز على وثائق الأمم المتحدة لأنها تعكس وبشكل مباشر مجمل التطور في فكر المجتمع الدولي في مقاربة قضايا حقوق الإنسان والتنمية، من دون أن يعنى ذلك القطع مع المصادر الأخرى التي تقدم اجتهادات فردية ورؤى تحليلية تقوى مادة الدليل وتنميها.

وقد تناول هذا الفصل أربعين مادة رئيسية جرى تناولها وفقا للترتيب الهجائي داخل كل قسم بعد رد كل مفهوم أو مصطلح إلى جذره اللغوي المباشر (مشروعية من شرع، الحرمان من الجنسية من حرم…. وهكذا)

 

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد