أصحاب الأمراض المزمنة يموتون بصمت في غزة

0 48

أصحاب الأمراض المزمنة يموتون بصمت في غزة
الميزان يستنكر استمرار منع دخول الأدوية والإمدادات الطبية

ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار وفك الحصار وإنقاذ حياة المرضى

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وتستهدف المدنيين والمنازل السكنية والبنايات ومراكز الإيواء ومرافق البنية التحتية، وتقتحم المناطق السكنية وتصدر أوامر الإخلاء المتكررة، وتستهدف المرافق الصحية والمستشفيات، وتواصل إغلاق المعابر للشهر الثاني على التوالي، وتحظر مرور الأدوية والمهمات والوفود الطبية، وتفاقم من الأزمة الصحية بشكل خطير، لا سيما بالنسبة لمرضى الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وأمراض القلب، والكلى، والحساسية، والأمراض النفسية والأوبئة، وغيرها من الحالات الصحية الحرجة، بسبب النقص الحاد في الأدوية التي تستخدم بشكل يومي ما يهدد حياة هؤلاء المرضى ويعرضهم لمضاعفات خطيرة قد تصل إلى الإعاقة الدائمة أو الوفاة.
لقد شكلت المنظومة الصحية في قطاع غزة هدفاً للهجمات الحربية الإسرائيلية على مدار أكثر من عام ونصف، وترافقت الهجمات الحربية المكثفة مع منع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية، ما تسبب في انهيار الخدمات الطبية المقدمة خاصة لمرضى الأمراض المزمنة، من بينهم أصحاب أمراض الفشل الكلوي الذين لا يتمكنون من الخضوع لجلسات الغسيل بانتظام بسبب عدم توفر الأدوية والأجهزة الطبية وعدم قدرتهم على الوصول إلى المستشفيات أو النقاط الطبية.
ويواجه المرضى ولا يزالون ظروفاً قاسية نتيجة إجبارهم على إخلاء مساكنهم والنزوح إلى مناطق لا يتوفر فيها الحد الأدنى من المقومات الأساسية للحياة، وترافق ذلك مع تدهور في مكونات البيئة وارتفاع معدلات التلوث وانتشار الأوبئة، ونقص المياه الصالحة للاستخدام ومياه الشرب، وتضاعفت معاناتهم نتيجة النقص في المواد الغذائية والأطعمة الصحية وفي الوقت ذاته، هم ممنوعون من السفر لتلقي العلاج في الخارج.
أفادت الطبيبة مرام محمد حمو، متطوعة في نقطة طبية في مخيم البريج: أن عدم توفر الأدوية لمرضى الضغط والسكر يُشكّل تهديداً مباشراً لحياتهم واستقرارهم الصحي لأنهم يعتمدون على العلاج اليومي بشكل مستمر، وأي انقطاع في هذا التسلسل العلاجي يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مزمنة ولا رجعة فيها مثل فقدان البصر، قصور كلوي، فقدان الأطراف وصولاً إلى الوفاة، وهذه المضاعفات لا تحدث فجأة، بل تتسارع في غياب الرعاية. وبسبب إغلاق المعابر وتقييد الإمدادات الطبية التي تصل بشكل محدود إلى النقاط الطبية نضطر إلى تقنين الصرف أو استبدال الأدوية بأخرى أقل فعالية مما قد يفاقهم حالتهم الصحية، والمتوفر الآن لا يكفي لأكثر من أسبوعين إلى شهر، بحسب نوع الدواء وعدد المرضى، وهناك بعض الأصناف نفذت تماماً.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية 37% من الأدوية و59% من المهام الطبية رصيدها صفر، كما أن أدوية العمليات والعناية المركزة وأقسام الطوارئ مستنزفة إلى مستويات غير مسبوقة. ويؤثر قلة وجود الأدوية والمهام الطبية على الحالة الصحية للمصابين الذين يصلوا إلى المستشفيات في قطاع غزة وخاصة مع زيادة الهجمات مما يؤثر على حياتهم وربما يؤدي إلى الوفاة أو زيادة حالات البتر، ومن ناحية أخرى هناك نقص كبير في الأدوية التي تعمل كمسكنات للألم فقد يضطر المريض لتحمل الألم أو إجراء بعض العمليات الجراحية البسيطة أو تضميد للجروح بلا أي مسكنات، وقد يلجأ المريض لشراء هذه الأدوية بأسعار باهظة الثمن.
أفادت الدكتورة الصيدلية هنادي محي الدين عيد، من مستشفى غزة الأوروبي: هناك شح في توفير أدوية الأمراض المزمنة بعد إغلاق المعابر رغم الطلب الكبير عليها وخاصة أدوية مرضى الضغط والسكر والقلب والحساسية ومن هذه الأدوية التي يستخدمها المرضى بشكل يومي concor، Atorvastatin، Carvidilol، rivoxar، كما أنه هناك طلب كبير على الأدوية التي تعتبر مسكنات للألم مثل acmol، ومضادات التجلط التي تستخدم للحماية من التجلطات Anticoagulant، وأيضاً هناك نقص كبير في المضادات الحيوية levofloxacin ، وأغلب هذه الأدوية لا يكون لها بدائل أو غير متوفرة هي والبديل المخصص لها.
كما أن 80 ألف مريض سكري، و110 آلاف مريض بضغط الدم لا تتوفر لهم أدوية في مراكز الرعاية الأولية، و%54 من أدوية السرطان وأمراض الدم رصيدها صفر، ووصلت نسبة العجز 99% بالنسبة لخدمة القسطرة القلبية وجراحة القلب، و42% من التطعيمات غير متوفرة، من بينها لقاحات شلل الأطفال، ما قد يتسبب في تفشي الأوبئة بشكل كبير وزيادة العدوى بين النازحين، وزيادة انتشار الأمراض الجلدية بسبب دخول فصل الصيف وزيادة أعداد النازحين بعد أوامر الاخلاء الجديدة بسبب والاكتظاظ في مناطق محددة وعدم قدرتهم على الوصول للخدمات الأساسية. فقدنا 99% من خدمة القسطرة القلبية وجراحة القلب
هذا وتعجز الفرق الطبية عن توفير الأدوية لعلاج الأمراض الجلدية، والتي استبدلتها بكميات قليلة من المراهم لتخفيف الألم، وتتطلب الأمراض الجلدية مثل الجرب علاجاً لجميع أفراد العائلة لمنع انتشار العدوى وتكرار الإصابة بها، ولكن في ظل غياب الأدوية والمياه النظيفة يغدو هذا الهدف مستحيلًا. ويتسبب ذلك في زيادة إصابة أفراد العائلة الواحدة ومن ثم المخيم الواحد بنفس الأعراض مما يزيد انتشار هذه الأوبئة خاصة في ظل عدم وجود صرف صحي ومياه نظيفة.
وطال الحصار المشدد ومنع دخول الأدوية والإمدادات الطبية المرضى النفسيون، وفاقم من حالتهم الصحية، وازدادت عندهم نوبات التشنج والاضطراب النفسي، وسط تضاعف أعداد الحالات في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة، التي تحتاج إلى متابعة ورعاية نفسية. وفي هذا السياق قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، الدكتور ريك بيبركورن الجميع في غزة متأثرون بالصراع ويعانون من التوتر والقلق والشعور بالوحدة والاكتئاب، وما إلى ذلك. وأشار إلى أنه قبل الحرب كان هناك مستشفى للأمراض النفسية وأكثر من ستة مراكز مجتمعية للصحة العقلية، ولكن توقف كل هذا عن العمل أو دمر.
أفاد الدكتور محمد جاسر عفانة، أخصائي الصحة النفسية ورئيس وحدة الصحة النفسية بمجمع ناصر الطبي، يوجد هناك نقص شديد بالأدوية النفسية وإن وجدت فهي شحيحة جداً ولا يوجد فيها ديمومة أو استمرارية، حيث أن هناك الكثير من الحالات المزمنة التي تحتاج الأدوية النفسية باستمرار بشكل دوري وأي خلل في توفير أدويتها يعرضها للانتكاسة من جديد. كما أن هناك حالات أخرى جديدة تولدت بفعل الحرب تحتاج لأدوية نفسية مكثفة بالإضافة لخدمات العلاج غير الدوائي كتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم. وبعض الحالات تشكل خطراً على نفسها أو على الآخرين وهذه الحالات الحرجة تحتاج للمبيت العاجل في مستشفى الطب النفسي. علماً أن مستشفى الطب النفسي (النصر) قد خرج عن الخدمة وتدمر في بداية حرب الإبادة.
وتزداد معاناة الجرحى ومرضى السرطان الذين فقد الكثير منهم حياته بسبب عدم القدرة على التدخل الطبي بالنسبة للجرحى، وتوقف جلسات الكيماوي بالنسبة لمرضى السرطان، التي يجب أن تستمر وتتم وفقاً للبرتوكول الطبي الخاص بهم، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن 11,000 إلى 13,000 شخصاً، من بينهم أكثر من 4,500 طفلاً، في حاجة ماسة إلى الإجلاء الطبي.
مركز الميزان لحقوق الإنسان، يدين بشدة استمرار جرائم قوات الاحتلال في سياق حرب الإبادة الجماعية، واستمرارها في فرض الحصار المشدد على قطاع غزة، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية التي فاقمت من الأوضاع الصحية لأصحاب الأمراض المزمنة كمرضى الضغط والسكرى والحساسية والقلب، والأمراض الخطيرة الأخرى كمرضى السرطان والأمراض المعدية، ويؤكد المركز على أن استمرار استهداف المنشآت والطواقم الطبية ومنع مرور إرساليات الدواء والمستلزمات الطبية، يهدف إلى المساس بجوهر الحق في الصحة الجسمانية والعقلية والحق في الحصول على العلاج المناسب، وإيقاع أكبر الخسائر في صفوف المدنيين، ما يمثل جرائم حرب تفرض التدخل ومحاسبة المسؤولين عنها.
وعليه، يطالب المركز المجتمع الدولي بالتحرك والتدخل الفاعل لإجبار قوات الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية بكل أشكالها بشكل دائم، ورفع الحصار، وإنهاء كافة القيود والمعوقات أمام حصول المرضى على خدمات الرعاية الصحية، والسماح بسفر المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج، وتسهيل مرور إرساليات الأدوية والمتسهلكات والمستلزمات الطبية كافة، والسماح للطواقم الطبية والوفود بالدخول إلى قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات ومراكز الخدمات الصحية والخدمات الأساسية كالمياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها من الخدمات التي لا غنى عنها لحياة السكان.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد