إسرائيل تواصل تدمير المنظومة التعليمية كأحد أوجه الإبادة الجماعية

0 46

إسرائيل تواصل تدمير المنظومة التعليمية كأحد أوجه الإبادة الجماعية
الميزان يستنكر استمرار القضاء على مستقبل الطلبة التعليمي في غزة

ويطالب بتدخل فاعل وفوري لإنقاذ العام الدراسي

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تدمير المنظومة التعليمية في قطاع غزة في سياق حرب الإبادة الجماعية من خلال الاستهداف الممنهج للبنية التحتية للتعليم من مرافق ومدارس وجامعات ومكتبات، وقتل وإصابة الآلاف من المعلمين والطلبة، وتهجير مئات الآلاف الآخرين، وخلق ظروف إنسانية ومعيشية يصعب من خلالها مواصلة العملية التعليمية، ما تسبب في تعطيل فرص التعلم للطلبة للشهر الثامن عشر على التوالي، وسط مخاطر ضياع سنة دراسية أخرى على الطلبة، في ظل محاولات محو الإرث الثقافي والمعرفي والقضاء على النمو الفكري والمهني.
وتشير المعلومات الميدانية وآخر الإحصائيات الرسمية إلى أن (95.2%)، من المدارس في قطاع غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة، وأن (88.5%)، من المباني المدرسية تحتاج إلى إعادة بناء كاملة أو ترميم رئيسي ، وبلغ عدد المدارس الحكومية التي تعرضت إلى أضرار بالغة (241) مدرسة، و(111) مدرسة حكومية دمرت بشكل كامل، في حين تعرضت (91) مدرسة حكومية، و(89) مدرسة وكالة للقصف المباشر والتخريب.
وبالإضافة إلى عمليات القصف التي طالت المدارس والمؤسسات التعليمية الحكومية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والأهلية والخاصة في مختلف أماكن قطاع غزة، نجد أن هناك ترابط وصلة واضحة بين عمليات الإخلاء القسري للمواطنين وتدمير المدارس، حيث بدأت أوامر الإخلاء الأولى لسكان شمال قطاع غزة، بالنزوح الكامل إلى جنوب القطاع، وعمدت قوات الاحتلال على تدمير المدراس التي أخلت السكان منها في شمال المحافظة، وبلغت نسبة التدمير (100%) في تلك المناطق، وفي المناطق التي أخليت في محافظة غزة، بلغت نسبة التدمير (92.8%)، وتشير التقديرات إلى أن نسبة المدارس المدمرة في محافظة رفح جنوب قطاع غزة بعد أوامر الإخلاء الكاملة للمدينة الأخيرة بلغت (91%) من مجموع المدارس، كما جرى استخدام العديد من المدارس لأغراض عسكرية، كقواعد للجيش، ومواقع احتجاز.
وبسبب عمليات التدمير الممنهج، والقصف المستمر، وعمليات الإخلاء القسري المتكرر، وقطع الكهرباء والإنترنت، والأعباء التي ألقيت على عاتق الطلبة في مساعدة أسرهم لتوفير الطعام والمياه ووسائل إشعال النار كالحطب للطهي، واجه أكثر من (720,000) طالب/ة انقطاعاً تاماً عن التعليم خلال العدوان. في حين بلغ عدد الطلبة الشهداء (13419) شهيداً، (21653) جريحاً، أما عدد الشهداء من الكادر التعليمي بلغ (651) معلم/ة، (2791) مصاب/ة، غير أن أعداد المعتقلين من الطلبة والكادر التعليمي غير معروف، ولكن يقدر بالمئات.
هذا واستأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الهجوم العسكري واسع النطاق على قطاع غزة بتاريخ 18/3/2025، بعد فترة الهدنة التي استمرت لحوالي شهرين، وتخللها عملياً استمرار قصف واستهداف المواطنين لا سيما في محافظة رفح، وعادت إلى سياسة القتل والتدمير والتهجير، بعد انتظام جزئي للعملية التعليمة خلال فترة الهدنة، ما تسبب في انهيار محاولات إنعاش التعليم مرة أخرى، حيث أعلنت وزارة التربية والعليم إنها كانت قد “استكملت استعدادها لعقد امتحان الثانوية العامة إلكترونياً وفي مراكز خاصة وفق ترتيبات بالتعاون مع الشركاء والاتصالات الفلسطينية من خلال توفير أثاث وتحسين شبكة الاتصالات”. وحددت 13/ أبريل الجاري موعد بدء عقد الامتحانات للدورة الاستثنائية لامتحان الثانوية العامة 2024، (توجيهي لمواليد 2006)، لكن وبسبب الظروف الأمنية القاسية، قررت الوزارة تأجيل عقد الدورة للمرة الثانية وحتى إشعار آخر، وبالتالي احتمال ضياع سنة تعليمية أخرى.
وبحصول الطالب في فلسطين على شهادة الثانوية العامة، ينهي 12 عاماً من مراحل التعليم الأساسي الثلاث (الابتدائية والإعدادية والثانوية)، وهي بوابة الالتحاق بالجامعات المحلية والخارجية. مرح شبانة، طالبة ثانوية عامة من قطاع غزة بعد تأجيل وزارة التعليم لامتحان الثانوية العامة للمرة الثانية، الخوف هو رفيق قلوبنا من ضياع المرحلة المصيرية في حياتنا، وضياع أحلامنا وطموحاتنا، فقدت الشغف والقدرة على الاستمرار وإعادة المحاولة مرة أخرى وتأثرت نفسياً.
لقد توقفت الدراسة بشكل شبه تام منذ ثمانية عشر شهراً بسبب الدمار الواسع في المدارس، وانقطاع الكهرباء والإنترنت، وغياب الأمن، وإغلاق المعابر وشح المواصلات، وتحول حوالي (62%) من المدارس التعليمية المتضررة لمراكز إيواء للنازحين مما حرم الطلاب من بيئة تعليمية ملائمة، ويعيش مئات الآلاف من الطلاب والكادر التعليمي من معلمين ومعلمات وإداريين وفنيين، ظروفاً معيشية وصحية وإنسانية قاسية. بالإضافة إلى استهداف كل النشاطات المدنية كالإدارات التعليمية وصعوبة الإشراف والتنقل، كما أن فقدان الوالدين أو أحدهما أو أحد أفراد الأسرة يترك أثراً نفسياً عميقاً يحول دون الاستمرار في الدراسة حتى وإن توفرت الفرصة.
ورغم هذه التحديات والظروف القاسية التي فرضتها قوات الاحتلال، برزت بعض المبادرات المحلية والدولية لتقديم التعليم البديل، من خلال المنصات الإلكترونية، والفصول الافتراضية، والمناهج المسجلة صوتياً ومرئياً، إلا أن تأثيرها يبقى محدوداً نظراً لانقطاع الكهرباء، وانقطاع الإنترنت المتكرر، وعدم توفر الأجهزة الإلكترونية لدى أغلب الطلبة.
أفادت بيسان السردي، مديرة مؤسسة بيسان التعليمية، في النصيرات وسط قطاع غزة، أقمنا مبادرة شخصية جرى اعتمادها من وزارة التربية والتعليم عوضاً عن التعليم الالكتروني في حال التزام الطالب بالحضور الوجاهي، وهي عبارة عن خيمة تعليمية تستوعب 150 طالب/ة مقسمين على 3 فترات، كل فترة لمدة ساعتين يومياً، من الصف الأول وحتى الصف الخامس ابتدائي، وطاقم العمل هم من المتطوعين، ونعاني من عدة مشاكل ومعيقات، فأغلب الطلاب يحتاجون إلى دعم نفسي بسبب الحرب والإصابة وفقدان الأسرة ، وفي كثير من الأحيان يتعطل التعليم داخل الخيمة بسبب تدهور الأوضاع لأمنية أو أوامر الإخلاء للمنطقة، في مرة تساقطت الحجارة على الطلاب بسبب القصف وذعر الأطفال وذويهم.
كما تلعب أزمة سوء التغذية التي يعاني منها الأطفال والطلبة في قطاع غزة نتيجة استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية وسياسة التجويع التي تتبعها قوات الاحتلال الإسرائيلي، من العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل سلبي على التحصيل العلمي، فقد أدت الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وانعدام الأمن الغذائي، إلى ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الطلبة، ما انعكس على قدراتهم الذهنية والجسدية، وساهم في تراجع مستويات التركيز والانخراط في العملية التعليمية.
وأفادت الطالبة شام عمار، درست الصف الثاني ثانوي الكتروني مع وزارة التربية والتعليم، هناك الكثير من المعيقات التي نواجهها في غزة تمنعنا من استكمال تعليمنا من بينها عدم وجود المدارس والمعلمين وانقطاع التيار الكهربائي، وأحاول الدراسة على ضو الشمس في النهار، وفي المساء على كشافات الجوالات، وأضطر لقطع مسافات طويلة من أجل تحميل فيديو دراسي من على منصة يوتيوب في أماكن يتوفر فيها الإنترت، أيضاً يؤثر علي الضغط النفسي بسبب القصف المستمر، حيث فقدت جزءاً من عائلتي، وبسبب قلة الأكل الصحي واللازم للتركيز كالفيتامينات والخضروات والفواكه، لا أستطيع الدراسة والتركيز.
مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يدين بشدة استمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتصاعدة، فإنه يؤكد في الوقت ذاته على أن استهداف قطاع التعليم بشكل ممنهج وبمكوناته المختلفة، هو أحد أوجه هذه الإبادة التي تسعى من خلالها إلى القضاء على المستقل التعليمي والثقافي للشعب الفلسطيني.
وعليه، فإن مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفاعل لوقف الإبادة الجماعية، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة بشكل كامل، وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي وعدم مهاجمة المرافق التعليمية أو استهداف الطلبة وعرقلة التعليم أو إعاقة تنمية القطاع التعليمي وتطويره، ومحاسبة المسؤولين من القادة والجنود الإسرائيليين وكل من أمر ونفذ وشجع على ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين.
كما يطالب المجتمع الدولي، وهيئات الأمم المتحدة، والمؤسسات المانحة الدولية، إلى تكثيف الجهود الدولية والمجتمعية للعمل على إعادة تأهيل المدارس والجامعات التي دمرت، ودعم المسيرة التعليمية وتعويض الفاقد التعليمي، وإعادة تأهيل الطلاب نفسياً واجتماعياً من خلال برامج دعم نفسي وتأهيلي شامل.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد