إسرائيل تدفع بقطاع غزة نحو كارثة بيئية وصحية .. مركز الميزان يحذر من تفاقم أزمة النفايات ويطالب بتدخل عاجل للحفاظ على أرواح المدنيين

0 2

إسرائيل تدفع بقطاع غزة نحو كارثة بيئية وصحية
مركز الميزان يحذر من تفاقم أزمة النفايات ويطالب بتدخل عاجل للحفاظ على أرواح المدنيين

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف البنية التحتية في قطاع غزة بشكل منظم ومتعمد، بما في ذلك المرافق الخدمية الحيوية التي لا غنى عنها وحياة السكان، كالمباني والمنشآت التابعة للبلديات، ومركبات وآليات جمع النفايات، وقد ساهم هذا التدمير الواسع في تفاقم أزمة النفايات الصلبة، وانتشرت أكوام القمامة وباتت تتكدس في الشوارع والأحياء السكنية، لاسيما في محيط أماكن تجمعات النازحين في مراكز الإيواء والخيام، حيث تنعدم وسائل جمع النفايات والتخلص منها أو معالجتها بصورة آمنة، ما يهدد بانتشار الأوبئة والأمراض المعدية نتيجة التلوث وتكاثر الحشرات والقوارض في تلك المناطق المكتظة بالسكان، ويتهدد حياة مئات آلاف الأسر بصورة مباشرة التي تعاني أوضاعاً معيشية سيئة، خاصة في فصل الصيف الحالي.
وتفاقمت الأزمة بفعل الحصار المشدد ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى من هذه الآليات، ما أدى إلى توقف شبه كامل لخدمات جمع النفايات، ومع تكرار أوامر النزوح القسري، ازدادت الكثافة السكانية بشكل كبير في مناطق جغرافية محدودة، حيث يضطر آلاف النازحين إلى الإقامة في خيام متلاصقة، ما ساهم في تفاقم الأوضاع الصحية والبيئية بشكل خطير في غياب الحد الأدنى من مقومات الصرف الصحي والسلامة العامة، وانتشرت أكوام النفايات الصلبة بجوار أماكن الإيواء المؤقتة، واضطر النازحون، إلى إنشاء حمامات بدائية بجوار أو داخل الخيام، مع إقامة شبكات صرف صحي مكشوفة بين الخيام، وأخرى تحت الأرض، ما أدى إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض الجلدية والمعدية بين السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.
وتشير المعلومات إلى انتشار أن أكثر من 270.000 طن من النفايات الصلبة في مختلف مناطق قطاع غزة، بالإضافة إلى توقف جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي عن العمل بسبب التدمير والأضرار الجسيمة التي لحقت بتلك المحاطات، وانقطاع الكهرباء وصعوبة الوصول إليها بسبب الهجمات الحربية الإسرائيلية، وهي عبارة عن خمس محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي بطاقة تصميمية تبلغ 154,600 متراً مكعباً يومياً. كما دمرت إسرائيل بشكل كلي حوالي 1545 كيلو متراً من شبكات الصرف الصحي، وألحق أضرار جزئية بحوالي 8.6 كيلو متر. ما تسبب في تدفق مياه الصرف الصحي إلى الشوارع والمناطق المأهولة بالسكان، وجعلهم عرضة لخطر الإصابة بالأمراض والآفات.
أفاد المهندس أحمد أبو عبده مدير الصحة والبيئة في بلدية غزة: يوجد في قطاع غزة مكبين رئيسيين، أحدهما في منطقة جحر الديك شرق مدينة غزة، والآخر في منطقة الفخاري شرق خان يونس، ومحطة لمعالجة النفايات الطبية شرق غزة، وشرق خان يونس، ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة منعنا من الوصول لهذه المكبات، ولم ترسل أي كميات للمعالجة في مكبات النفايات الرئيسية (الطمر الصحي)، وجميع كميات النفايات موجودة بمكبات عشوائية داخل المدن المدمرة وشوارعها وقد تصل كميتها إلى نصف مليون طن، وهذه النفايات مخلوطة وتحتوي على نفايات معدية ونفايات خطيرة بالإضافة الى أن أكثر من 70٪ من الآبار البلدية والزراعية في قطاع غزة خرجت عن الخدمة بسبب التدمير وشح عمليات الصيانة وعدم القدرة على الوصول لبعضها، والبلديات غير قادرة على جمع كل هذه الكميات والسيطرة عليها بشكل صحي لا سيما بعد تدمير أكثر من ٨٠٪ من معدات وأدوات البلدية فيما يتعلق بإدارة النفايات الصلبة.
وقد أسفر هذا الواقع الكارثي عن تفشي أمراض معدية مثل التهاب الكبد الوبائي والأمراض الجلدية، وتلوث التربة والمياه الجوفية نتيجة تسرب الملوثات، فضلًا عن تلوث الهواء الناجم عن الحرق العشوائي للنفايات، مما يزيد من المخاطر الصحية على السكان، ولا سيما الفئات الهشة من الأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة.
أفاد محمد الناقة، مدير عيادة الأقصى للخدمات الصحية في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة: نستقبل في العيادة يومياً من 800 إلى 1000 حالة، من بينها ما يقارب 250 حالة أمراض جلدية، و100 حالة جرب وجدري والتهابات جلدية، نصف هذه الحالات من الأطفال والسيدات، وتنتج الأمراض الجلدية عن قلة المياه والنظافة الشخصية، وبسب انتشار المياه العادمة والصرف الصحي بين الخيام وخصوصاً مع الازدحام الشديد في مخيمات النزوح، والاختلاط المباشر خاصة أمام التكيات للحصول على الطعام، كميات الأدوية المتوفرة لا تكفي لهذه الأعداد، ومع إغلاق المعابر لا نستطيع الحصول على كميات أخرى، وحتى هذه الأدوية غير متوفرة في الصيدليات لشرائها، المرض ينتشر بشكل سريع جداً وعدم توفر المياه وأدوات النظافة يساهم في هذا الانتشار.
وفي سياق متصل، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي يومي 21 و22 أبريل 2025، سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت أكثر من 30 جرافة ومركبة ومعدات ثقيلة، بما في ذلك معدات تم التبرع بها خلال فترة وقف إطلاق النار، في مدينة غزة، شمال غزة، وخانيونس. وشملت الهجمات تدمير معدات ومركبات خدمات ومرافق متنقلة، لا سيما التي تستخدم في جمع النفايات وسحب مياه الصرف الصحي، وأعلنت بلدية جباليا النزلة عن توقف جميع خدماتها الحيوية، بما في ذلك تنظيف الشوارع، وإزالة النفايات، وصيانة خطوط الصرف الصحي، وخدمات تزويد المياه، مما فاقم من خطورة الوضع الصحي والبيئي القائم، وزاد من احتمالات تفشي الأمراض والأوبئة.
أفادت (ن. ن)، 34 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال، أعيش أنا وأسرتي في خيمة صغيرة، وفي داخل الخيمة أنشأنا حمام وأسفه حفرة في الأرض تنزل إليها مياه الصرف الصحي، نعاني من رائحة المجاري في المكان كله، خاصة أن كل الخيم لديها حمام بداخلها، ونعاني من انتشار الباعوض والذباب والأمراض الجلدية، وانتشرت الحبوب في جسم أطفالي وجسمي، ونعاني من الحك الدائم، وعند حك الحبوب يتهيج الجلد وتصبح هناك علامات على أجسادنا لا تذهب، وأغلب النقاط الطبية لا يوجد فيها أدوية، والقمامة متكدسة بجانب المخيم، ولا يزيلها أحد، والذباب والحشرات تحوم فوقها، وأصبح المخيم عبارة عن مجمع قمامة، والأرض تغير لونها ومن شدة الأمراض والروائح، اضطررنا الانتقال إلى مخيم آخر، وعدنا لإقامة الحمامات، وأصبحت القمامة تتكدس من جديد.
مركز الميزان لحقوق الإنسان يؤكد بأن الظروف المعيشية والصحية القاسية التي فرضتها إسرائيل عمداً على سكان قطاع غزة تأتي في سياق حرب الإبادة الجماعية التي تباشرها، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تدمير السكان كلياً أو جزئياً، وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بهم، وخلق واقع تصعب فيه الحياة داخل قطاع غزة، في انتهاك لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية لا سيما اتفاقية جنيف، وميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وعليه، يطالب المركز المجتمع الدولي بالتدخل لإجبار إسرائيل على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وتنفيذ وقف فوري لإطلاق النار، وإلزامها للامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، والعمل على تمكين الجهات المختصة من تقديم خدماتها المنقذة للحياة، لا سيما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث تشكل العمود الفقري لجهود الإغاثة الدولية لنحو 2.3 مليون فلسطيني، والسماح بتفعيل شبكات المياه والصرف الصحي، وجمع النفايات ونقلها إلى المكبات، والسماح بتدفق المساعدات، وخاصة الوقود اللازم لتشغيل محطات المياه ومحطات معالجة الصرف الصحي والوقود اللازم لتشغيل آليات جمع النفايات ونقلها إلى المكبات.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد