في ذكرى النكبة، مركز الميزان يطالب بوقف جريمة الإبادة الجماعية ونكبة الفلسطينيين الثانية

0 3

في ذكرى النكبة، مركز الميزان يطالب بوقف جريمة الإبادة الجماعية ونكبة الفلسطينيين الثانية،

وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه الثابت وغير القابل للتصرف في تقرير مصيره بنفسه

 

تأتي ذكرى النكبة الفلسطينية (15/5) هذا العام وقد أحكم النظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي قبضته الوحشية على رقاب المدنيين الفلسطينيين العُزل في قطاع غزة، وواصل عمليات القتل الجماعي للمدنيين، والذين لازال الآلاف منهم تحت الأنقاض، وأوقع عشرات آلاف الجرحى، وتسبب في إعاقات دائمة للكثير منهم ببتر الأطراف وفقدان البصر وغيرها من الإعاقات التي سوف تلازمهم مدى الحياة.

واستمر في استخدام التجويع كسلاح حرب، وتهجير المدنيين قسرياً مرات متكررة، واحتجاز المدنيين كرهائن عبر الاعتقالات الجماعية العشوائية، واتخاذهم كدروع بشرية، وهدم المنازل السكنية وقصف وتدمير المستشفيات والمراكز الصحية والأسواق والمساجد والمدارس، ومراكز الإيواء وخيام النازحين، وتدمير آبار المياه والصرف الصحي، ومنع إدخال الإمدادات الإنسانية، وشدد إغلاق المعابر فعزل سكان القطاع عن العالم، بما في ذلك حرمان المرضى من السفر لتلقي العلاج ولا سيما الأطفال منهم. ويراكم الاحتلال أفعاله الوحشية التي من شأنها إحداث نكبة، أكثر بطشاً وضراوةً من تلك التي جرت عام 1948، والتي لا يزال يتجرع مرارتها الفلسطينيات والفلسطينيون حتى يومنا هذا في أماكن الشتات خارج فلسطين، أو في داخلها.

بدأت فصول النكبة الجديدة بتاريخ 13/10/2023، عندما أمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي سكان محافظتي شمال غزة وغزة البالغ عددهم حوالي 1.1 مليون مواطن، النزوح جنوب وادي غزة، مستخدمةً الهجمات العشوائية والقوة المفرطة، ما أسفر عن قتل وجرح عشرات الآلاف. وترافقت الهجمات الحربية مع قطع سلطات الاحتلال للمياه والكهرباء وأي إمدادات إنسانية عن الفلسطينيين في قطاع غزة. نزح السكان مرغمين دون أن يعرفوا إلى أين يتجهون جنوب القطاع، الذي كان يشهد أيضاً هجمات حربية مروعة تحصد الأرواح جماعياً، حينها أطلق أشخاص القانون الدولي العام بما فيهم منظمة الأمم المتحدة والدول والهيئات المتخصصة نداءاتها لوقف الهمجية والوحشية الإسرائيلية واحترام قوانين الحرب، غير أن النظام الاستعماري الوحشي الإسرائيلي مضى في جريمة الإبادة الجماعية متحدياً ما أجمعت عليه الأمم من قواعد قانونية عرفية ومكتوبة.

وتتواصل الإبادة الجماعية على مدى تسعة عشر شهراً، لم تترك فيها قوات الاحتلال محظوراً أو جريمة حرب إلا وارتكبتها بما في ذلك القصف شبه اليومي لما ادعت أنها مناطق إنسانية آمنة، وخلقت مجاعة جعلت المدنيين يتضورون فيها جوعاً حتى الموت.

 وتسببت الهجمات الإسرائيلية في قتل (52760) شهيد/ة وصلوا مستشفيات وزارة الصحة في غزة، وحوالي (10000) مفقود تحت أنقاض المنازل والمباني المدمرة، ومنهم مصيره مجهولاً، ومن بين العدد الإجمالي للشهداء (16270) طفلاً، منهم (311) طفلاً ولدوا وقتلوا خلال الإبادة الجماعية، و(8700) سيدة، و(1411) من أفراد الطواقم الطبية، و(215) صحافي، آخرهم الصحافي حسن اصليح الذي هاجمته قوات الاحتلال وهو على سرير المرض في مستشفى ناصر، و(113) من أفراد الدفاع المدني، كما تسببت الإبادة الجماعية في إصابة (119.264) جريح/ة وصلوا المستشفيات، منهم (17000) جريح بحاجة لعمليات تأهيل طويلة الأمد، و(4700) حالة بتر، من بينهم (18%) أطفال، و(409) من الجرحى من فئة الصحافيين والعاملين في حقل الصحافة والإعلام، كما هاجمت (236) مركز إيواء للنازحين. وتسببت الإبادة الجماعية في حرمان (41000) طفل من والديهم أو أحدهما، وحرمان (14000) امرأة من زوجها. وتواصل سلطات الاحتلال حرمان (22000) من العلاج خارج قطاع غزة مع انعدام خدمات الرعاية الطبية المناسبة لهم، واحتجزت (6633) مواطن، من بينهم (362) من الكوادر الطبية، منهم (3) قًتلوا داخل السجون، وتتخذهم كرهائن حيث لا محاكمات جدية تتوفر فيها أبسط مقومات المحاكمة العادلة وخضع معظم المحتجزين للتعذيب والإهمال الطبي وتحرمهم من الغذاء والدواء وتخلق بيئة مولدة للمرض داخل السجون بحرمان المحتجزين من وسائل النظافة واستخدام مرافق الإصحاح.

شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة نكبتها الأولى عام 1948م عندما هاجم الجيش والعصابات الصهيونية الإسرائيلية السكان الفلسطينيين، وقتلوا وجرحوا الآلاف وأُجبروا من تبقى منهم على الهجرة من قراهم وبلداتهم الأصلية، إلى خارج فلسطين نحو البلدان المجاورة، وإلى داخلها، وإزاء ذلك تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (194) في دورتها الثالثة، والذي ينص على: ” “وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة”.

وعلى النقيض من ذلك وفي تجاهل لقرارات محكمة العدل الدولية أخرجت سلطات الاحتلال وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (UNRWA) في النكبة الثانية عن الشرعية، وجعلت وجودها وعملها في مخيمات اللاجئين غير قانوني، واستولت على مقرها الرئيس في القدس الشرقية وداهمت خلال الأيام الماضية المنشآت الخدمية بما في ذلك مدارس الوكالة في القدس الشرقية، في تحد سافر للنظام الدولي والشرعية الدولية وقراراتها ولاسيما الجمعية العامة التي تجدد دورياً ولاية وكالة الغوث الدولية.

وفيما تتنكر سلطات الاحتلال لعشرات القرارات الصادر عن هيئات الأمم المتحدة المختلفة بما في ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية، لم تقم الدول الأطراف سواء في اتفاقيات حقوق الإنسان أو أطراف اتفاقية جنيف الرابعة بواجباتها القانونية لضمان وقف الانتهاكات وجرائم الحرب، المستمرة على مدى أكثر من (77 عاماً)، وتواصل قوات الاحتلال انتهاكاتها وجرائمها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، متجاهلةً كافة النداءات والقرارات الأممية.

ويشدد مركز الميزان على أن عجز الشرعية الدولية عن إلزام النظام الاستعماري الإسرائيلي بقراراتها ومحاسبتها وعجز الدول عن الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب القانون الدولي واحترام قرارات محكمة العدل الدولية، التي وبالإضافة للتدابير الاحترازية التي أقرتها في 26 يناير 2024، أقرت تدابير إضافية بتاريخ 28 مارس 2024 تفرض على إسرائيل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، دون عوائق، وعلى نطاق واسع- بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والمساعدات الإنسانية، ومتطلبات الملابس والنظافة والصرف الصحي، فضلا عن الإمدادات الطبية والرعاية الطبية للفلسطينيين ... وأن على إسرائيل ضمان عدم قيام قواتها العسكرية بارتكاب أعمال تشكل انتهاكا لأي من حقوق الفلسطينيين في غزة كمجموعة محمية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية … وطلبت المحكمة أن تقدم لها إسرائيل تقريراً عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا القرار، خلال شهر واحد من تاريخه.

كما يتجاهل المجتمع الدولي الواجبات الأصيلة التي تقع على عاتق دوله كافة بموجب رأي محكمة العد الدولية الاستشاري الصادر بتاريخ 19 يوليو 2024، والذي أكدت فيه “إن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره لا يمكن أن يخضع لشروط، فهو حق غير قابل للتصرف، وإن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة ينتهك حظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة وحق الشعب في تقرير المصير… واستمرار إحباط حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يجعل من الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة غير قانوني. وإن إسرائيل ملزمة بإنهائه في أسرع وقت ممكن. كما طالبت في رأيها الأمم المتحدة وكافة الدول باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنهاء الاحتلال وعدم تقديم أي مساعدة له.

ومن نافلة القول أن رئيس الوزراء في دولة الاحتلال ورغم صدور مذكرة توقيف بحقه كمجرم حرب يواصل التبجح والسفر، وتتجاهل كثير من الدول بما فيها دول أطراف في المحكمة لواجباتها بموجب ميثاق المحكمة الجنائية الدولية والقانون الدولي بالعمل على إلقاء القبض عليه حتى لو مر في أجوائها.

مركز الميزان يؤكد على أن استمرار الحصانة وتحلل المجتمع الدولي والدول عن القيام بواجبها في التدخل لوقف الجرائم وملاحقة مرتكبيها، بل واستمرار معظم الدول في دعم ومساعدة دولة الاحتلال، شجع قوات الاحتلال على ارتكاب نكبة ثانية بدأت فصولها منذ أكتوبر 2023م، عبر ارتكاب فظاعات وجرائم غير مسبوقة في التاريخ الإنساني بحق الفلسطينيين، وقد صرح العديد من القادة الإسرائيليون عن عزمهم تهجير الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، إلى خارجه، وآخر تلك التصريحات كانت بتاريخ 11/5/2025م والتي صدرت عن بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال: “نحن نواصل تدمير المزيد من البيوت في قطاع غزة، ولا يوجد لديهم مكان يعودون إليه، النتيجة الوحيدة المتوقعة ستكون رغبة سكان غزة في الهجرة إلى خارج القطاع، لكن المشكلة الرئيسية لدينا هي في الدول المستقبلة.”

على مدار أكثر من سبعة عقود، لم تُحاسب قوات الاحتلال على جرائمها بحق الفلسطينيين، أو حتى اتخاذ إجراءات مقاطعة سياسية واقتصادية من قبل المجتمع الدولي، لثنيها عن مواصلة مشروعها الاستعماري الإحلالي وغَلْ يدها عن الجرائم المستمرة التي ما تزال ترتكبها، والتي اتسع مداها لتطال دول إقليمية كلبنان وسوريا والعراق واليمن، الأمر الذي يُعتبر أساساً معقولاً يتوجب معه استخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة من قبل مجلس الأمن الدولي، باعتبار ما يجري يُنذر بتهديد الأمن والسلم الدوليين، فالقانون وُجد لقمع الجريمة قبل وقوعها حيثما أمكن لا انتظار ومعالجة آثارها فقط.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يُعرب عن صدمته الكبيرة من استمرار صمت المجتمع الدولي أمام هول الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين وتقضي تدريجياً على فرصهم في النجاة بحياتهم، ويستنكر بأشد العبارات استمرار عجز المجتمع الدولي عن إلزام دولة الاحتلال باحترام أحكام القانون الدولي، ويُحذر من استمرار الجرائم الوحشية، التي تسببت بنكبة ثانية يدفع ثمنها الأطفال والنساء والمدنيين. ومركز الميزان إذ يُعبر عن تضامنه مع الضحايا الفلسطينيين وذويهم، فإنه يدعو دول العالم قاطبة وكل ذي ضمير حي إلى التحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية وإنها حصار الفلسطينيين وتزويدهم بالغوث العاجل، ومحاسبة مقترفي الجرائم الإسرائيلية، وتعويض الضحايا وإنصافهم وجبر أضرارهم.

مركز الميزان يُشدد على أن حق تقرير المصير للفلسطينيين، هو حق ثابت ومكفول بموجب القانون الدولي، لا يسقط بالتقادم، ولا يزول بالإبادة الجماعية والتغييرات الديموغرافية التي تحدثها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وعليه فإنه يدعو المجتمع الدولي للتدخل العاجل وتبني إجراءات فاعلة لإنها احتلال إسرائيل غير القانوني للأراضي الفلسطينية ومنع اكتمال حلقات النكبة الثانية، والسعي الحثيث لمحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها، وضمان تمتع الفلسطينيين بحقوقهم السياسية، وضمان احترام أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

 

انتهى

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد