إسرائيل تقطع الاتصال والإنترنت وتعزل غزة عن العالم وتواصل ارتكاب الإبادة بصمت
مركز الميزان يستنكر ويطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الإبادة الجماعية
يستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان بأشد العبارات قطع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لخدمة الإنترنت والاتصالات الثابتة عن قطاع غزة بشكل كامل، ما أدى إلى عزل القطاع المحاصر عن العالم الخارجي في ظل مواصلة الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق، وارتكابها للجرائم بحق السكان المدنيين، بهدف حجب الحقائق، ومنع نقل الأحداث، ويعكس نية مبيتة لتكبيد المدنيين المزيد من الخسائر بعيداً عن أعين الإعلام، وتوثيق مؤسسات حقوق الإنسان.
هذا وأعلنت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية عبر بيان صحفي مساء الخميس الموافق 12/6/2025، عن انقطاع كل خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة في قطاع غزة، بعد استهداف الخط الرئيسي الأخير للفايبر، لتنضم محافظات الوسطى والجنوب، إلى محافظة غزة وشمال غزة التي عزلت قبل يوم بشكل مسبق. وأكدت الهيئة أن قوات الاحتلال تمنع الطواقم الفنية من إصلاح الكوابل التي جرى قطعها، ويعيق عمليات الوصول إلى المسارات البديلة الاحتياطية، وأن محاولات عديدة جرت منذ أشهر لإصلاح العديد من المسارات البديلة، إلا أنها رفضت ومنع أفراد الطواقم من العمل.
في حين يعيش قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة تمس كافة مناحي الحياة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي المتصاعد والاستهداف المباشر للمدنيين وممتلكاتهم، إلى جانب الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ حوالي عشرين شهراً. وقد أدى الانقطاع الكامل في خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة، نتيجة استهداف مباشر لخطوط البنية التحتية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلى شلل شبه تام في عمل القطاعات الحيوية، لا سيما الصحية، والإغاثية، والتعليمية، ما فاقم معاناة السكان، وقد يؤدي بشكل مقلق إلى زيادة أعداد الضحايا المدنيين.
وفي هذا السياق، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنها تواجه صعوبة كبيرة في التواصل مع طواقمها العاملة في الميدان نتيجة الانقطاع الكامل لخدمات الاتصال، مما يعيق الاستجابة السريعة للحالات الإنسانية والطارئة. وأكدت الجمعية أن غرفة عمليات الطوارئ تعاني من صعوبة شديدة في التنسيق مع المنظمات الإنسانية الأخرى، الأمر الذي يهدد حياة الجرحى والمرضى.
كما تعتمد المستشفيات والمؤسسات الصحية المختلفة، ومن ضمنها خدمات الإسعاف والدفاع المدني، على الإنترنت في تلقي نداءات الاستغاثة من المواطنين، وفي تزويد الصحافيين ببيانات دقيقة حول أعداد الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة، إلا أن الانقطاع الحالي حال دون ذلك، ما زاد من صعوبة العمل الميداني، وأعاق جهود الإغاثة والإنقاذ، وكان آخر تحديث لوزارة الصحة الفلسطينية حول أعداد الشهداء والمصابين ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء يوم الخميس الماضي قبل قطع خطوط الإنترنت والاتصالات الثابتة.
وحد قطع الاتصالات والإنترنت من قدرة الناس على التواصل والاطمئنان على بعضهم البعض، وعزلهم عن العالم الخارجي، كما أنه يحد من القدرات التنظيمية واللوجستية وتسيير أمور الحياة العادية، ويضعف فرص الحصول على المعلومات للجميع من أفراد ومؤسسات ويقلص القدرة التنسيقية بين المدنيين والمؤسسات الإغاثية العاملة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية.
وتسبب هذا القطع، في توقف عمليات التعليم عن بعد، لا سيما أن الطلاب في قطاع غزة يخضعون لاختبارات نهاية السنة الدراسية في المستويات الابتدائية والإعدادية، ولاحقاً الصف الأول ثانوي والثاني ثانوي، وكلها تتم عن طريق الإنترنت، وبهذا يفقد الطلبة فرصة التقدم للإمتحانات، وتعلو المخاطر حول ضياع السنة الدراسية.
وبسبب الحاجة الملحة للتواصل، اضطر العديد من الصحافيين ومن المواطنين إلى استخدام شرائح إلكترونية تحتاج إلى أجهزة متطورة وشبكات إرسال يصعب الوصول إليها إلا من أماكن مرتفعة، مما يعرض حياتهم لخطر الاستهداف، إلى جانب التكاليف المرتفعة لهذه المعدات والتي لا تتوفر بسهولة داخل قطاع غزة المحاصر.
إن قطاع غزة يشهد عمليات قتل جماعي ويومي بحق المدنيين، وسط قصف متواصل يستهدف المنازل ومراكز الإيواء دون تمييز، ويعاني السكان من تجويع ممنهج، وتمنع عنهم الإمدادات الغذائية والطبية، ما تسبب في انتشار سوء التغذية، خاصة بين الأطفال الذين يواجهون خطر الموت البطيء، وتتفاقم الأزمة مع الانهيار الكامل في النظام الصحي، وعجز المستشفيات عن تقديم الرعاية بسبب نقص الوقود والاتصالات، وأمام هذا الانهيار الإنساني، وفي محاولة لمواصلة وتصعيد جرائمها بحق المدنيين دون أي تبعات أو ضغوط دولية جراء مشاهد الموت اليومي، تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي طمس معالم الجرائم، عبر قطع الإنترنت والاتصالات.
مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يستنكر قطع قوات الاحتلال الإسرائيلي لخطوط الإنترنت والاتصال الثابت، ومنع إعادة إصلاحها، فإنه يؤكد على أن الهدف يتمثل في ارتكاب المزيد من الفظائع في الخفاء، ومنع عمليات التوثيق الفوري للجرائم وطمس الأدلة والحقائق، وعزل قطاع غزة عن العالم الخارجي بشكل كامل، وحرمان المدنيين من حقوقهم الأساسية، ما يشكل جريمة إضافية ترتكبها سلطات الاحتلال في سياق ممارستها للإبادة الجماعية.
وعليه، يطالب المركز المجتمع الدولي، لا سيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية من خلال التدخل الفوري لوقف جريبة الإبادة الجماعية المستمرة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي، والضغط على سلطات الاحتلال لإعادة خدمات الإنترنت والاتصالات إلى قطاع غزة، وتأمين الحماية العاجلة للمدنيين والمؤسسات الإنسانية والطبية، وضمان حرية الإعلام ووصول الصحافيين إلى المعلومات، وتفعيل أدوات المساءلة الدولية ووقف سياسة الإفلات من العقاب.