القاهرة في 17 يونيو/حزيران
فلسطين المحتلة
الاحتلال الإسرائيلي يفاقم أفعال جريمة الإبادة الجماعية في غزة
نحو 60 شهيداً جديداً في مراكز المساعدات الأمريكية صباح اليوم
تحذر المنظمة العربية لحقوق الإنسان من مغبة سقوط المجتمع الدولي والرأي العام العالمي في فخ تجاهل الكارثة الإنسانية الكبرى التي يرزح تحتها سكان قطاع غزة المحتل لصالح الاهتمام بالعدوان الإسرائيلي الجاري ضد إيران، والذي يُوفر للاحتلال ساتر دخان للمضي قدمًا في تنفيذ الإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة وتهجيرهم قسريًا، حيث تتواصل المجاعة القاتلة في قطاع غزة، ويتواصل نصب فخاخ للقتل الجماعي للفلسطينيين، سواء لدى تلبيتهم دعوة الحصول على المساعدات من المراكزو الإسرائيلية الأمريكية، أو خلال اكتظاظهم في مناطق النزوح التي تضيق مساحتها يومًا بعد يوم.
وتجدد المنظمة إدانتها للآلية المهينة واللاإنسانية التي اعتمدتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي لتوزيع بعض المساعدات الإنسانية التي سمحت بدخول بعضها منذ 18 مايو/أيار 2025، والتي تشكل أفخاخ قتل جماعي للمدنيين الفلسطينيين، وهي الآلية التي تجبر المدنيين تحت ضغط المجاعة على السير لعشرات الكيلومترات للوصول إلى المراكز التي جرى تخصيصها لتوزيع المساعدات، ثم استخدام هذه المراكز كمصائد لاستهداف المدنيين، وبينهم أكثر من 60 شهيدًا و200 جريحًا صباح اليوم والذين سقطوا نتيجة قصفهم بمدافع الدبابات الإسرائيلية لدى تجمعهم قرب مركز المساعدات الأمريكي في رفح، وهو التجمع الذي يشمل كل من تلقى الرسالة الهاتفية التي تفيد بأحقيته في استلام مساعدات.
واستقبلت المستشفيات حتى ظهر اليوم 245 شهيدًا وأكثر من 2150 مصابًا، في المناطق التي تم تخصيصها لتوزيع المواد الغذائية في رفح ودير البلح. وهو ما اضطر مستشفى الصليب الأحمر الميداني في رفح إلى تفعيل إجراءات الاستجابة لحوادث الإصابات الجماعية أكثر من 10 مرات منذ الأول من يونيو/حزيران الجاري.
وسبق للمنظمة أن نوهت بالجرائم التي ارتكبتها هذه الآلية التي تتناقض كليًا مع مبادئ العمل الإنساني (www.aohrarab.com)، وبينما تصطف قرابة ثمانية آلاف شاحنة مساعدات في رفح المصرية بانتظار تسليمها لطواقم الأمم المتحدة لتوزيعها عبر نحو 400 نقطة توزيع في عموم القطاع، تعمل الآلية الإسرائيلية الأمريكية للوصول إلى أربعة مراكز مساعدات لإجبار السكان على النزوح مجدداً على نحو يسمح للاحتلال بتكديس السكان في مناطق جنوب القطاع، تمهيدًا لامتلاك الفرصة لإمكانية تهجيرهم قسريًا خارج القطاع.
ويُصر الاحتلال الإسرائيلي – بدعم أمريكي – على خرق القانون الدولي والمضي قدمًا في العمل بهذه الآلية التي سبق وأن أكدت الأمم المتحدة على ما تشكله من انتهاك جسيم للقانون الدولي ومبادئ العمل الإنساني (https://www.ochaopt.org/content/statement-humanitarian-country-team-occupied-palestinian-territory-principled-aid-delivery-gaza?fbclid=IwY2xjawK-RiZleHRuA2FlbQIxMQBicmlkETFZTWJSdHRLcmdEdGUyR3lJAR50Y8nXFADhhWHwJUB6GFrWZQwo7Sxc3pP302LNAaOtAQrf_fCQCKdB4R8yoQ_aem_eK4hMhgsJfG22DR_c5FZ5A).
وبالتوازي مع ذلك، يواصل الطيران الحربي الإسرائيلي ولآلياته الثقيلة القتل الجماعي للآلاف من النازحين، على نحو ما وقع قرب ميدان العلم في حي المواصي غربي مدينة رفح في الأول من يونيو/حزيران الجاري، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 20 مدنيًا.
كما تدين المنظمة عجز المجتمع الدولي في الضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلية للسماح بدخول الإمدادات الطبية اللازمة في ظل انهيار مستشفيات القطاع التي توقف أغلبها عن العمل، فعلى سبيل المثال، يعد مجمع ناصر الطبي المنشأة الصحية الوحيدة المتبقية في خان يونس التي تضم وحدة عناية مركزة التي تعمل في الوقت الراهن بضعف طاقتها الاستيعابية، فضلًا عن شُح إمدادات الوقود، والنقص الحاد في الأدوية الأساسية، والمستلزمات الطبية، ونفاذ وحدات الدم.
وفي الضفة الغربية، يواصل جيش الاحتلال فرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين، وإغلاق مداخل المدن والقرى، ونشر الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية، فيما أسمته قوات الاحتلال “بإجراءات أمنية احترازية”، شملت إغلاقًا كاملًا أو جزئيًا للطرق، في مناطق في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية، ففي محافظة رام الله والبيرة، تم إغلاق مداخل عدة قرى وبلدات، مثل روابي، وعين سينيا، وعطارة، وعابود، والنبي الصالح، بالمكعبات الإسمنتية، وكذلك بوابات حديدية، كما أغلقت مداخل قرى رأس كركر، ودير عمار، فضلًا عن إغلاق المدخل الشرقي لبلدة الطيبة عند حاجز كراميلو.
وتدين المنظمة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في انتهاك القانون الدولي الإنساني، وقرارات الأمم المتحدة، بشأن عدم مشروعية الاستيطان وبناء المستوطنات، إذ أعلن وزير المالية في حكومة الاحتلال في أواخر مايو/أيار 2025 اتخاذ قرار لتطوير الاستيطان يضم 22 تجمعًا استيطانيًا جديدًا في الضفة الغربية، وتكثيف الاستيطان في الضفة، وتعزيز المحور الشرقي لدولة “إسرائيل”. فضلًا عن استمرار المستوطنون المسلحون في اعتداءاتهم الممنهجة في مختلف مناطق الضفة الغربية، في سياق مخططًا إسرائيليًا لعزل التجمعات الفلسطينية، ومصادرة الأراضي لصالح التوسع الاستيطاني.
كما تدين المنظمة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين، فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023، لقى (72) أسيرًا فلسطينيًا على الأقل مصرعهم في السجون الإسرائيلية، حيث اعتقل الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة أكثر من (17500) فلسطيني في الضفة الغربية، من بينهم (545) امرأة و(1400) طفلًا، فضلًا عن (3562) معتقلًا إداريًا.
ولقد قامت وحدات القمع في إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين بشن سلسلة من الاعتداءات الوحشية بحق الأسرى الفلسطينيين، بدعوى منعهم من الاحتفال بقصف إيران لأهداف إسرائيلية، حيث اقتحمت عنابر الأسرى مصحوبة بالكلاب البوليسية، واعتدت على الأسرى بالضرب المبرح بالهراوات بعد تكبيلهم.
وتؤكد المنظمة أن بقاء الاحتلال الإسرائيلي خارج المساءلة والمحاسبة على الفظاعات التي يرتكبها بحق المدنيين الفلسطينيين يؤكد فشل المنظومة الدولية في النهوض بمسئولياتها ويُنذر بنهايتها، خاصة في ظل اختلال وازدواجية المعايير التي تتجلى للعيان في التصدي للفظاعات الإسرائيلية، والتفاعل مع الحرب الروسية الأوكرانية، أخذاً في الاعتبار أن الدولة الفلسطينية الشرعية لم تحظ بعد بالاعتراف كعضو عامل في هيئة الأمم المتحدة، ما يلقي بالمسئولية في تأمين الشعب الفلسطيني على كاهل المجتمع الدولي.
وتدعو المنظمة الدول والقوى الداعمة لحقوق الشعوب إلى التحرك فورًا باتجاه فرض عقوبات سياسية واقتصادية على الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة النظر في علاقاتها الدبلوماسية مع سلطة الاحتلال الإسرائيلية. كما تطالب المنظمة مؤتمر الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة، بتفعيل واجباتهم في توفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال، وضمان جلب الجناة إلى العدالة.
* * *