في اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين

0 89

في اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين

الميزان يستنكر بشدة تصاعد جرائم احتجاز الجثامين ويطالب بإلزام دولة الاحتلال بأحكام القانون الدولي

يأتي السابع والعشرون من أغسطس، وهو اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، في ظل تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائمها الوحشية، التي لم تعد تقتصر على حصد أرواح المدنيين، وإنما تمتد إلى الاستمرار في رفض تسليم جثامينهم واحتجازها في مقابر الأرقام والثلاجات، والمضي قدماً في حرمان ذويهم من وداعهم ودفنهم طبقاً لثقافتهم وشعائرهم الدينية، والمس بكرامة الأموات والأحياء، في ممارسة وحشية تسبب معاناة نفسية قاسية لدى عائلات الضحايا، الأمر الذي يشكل جريمة إضافية ضمن سلسلة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال.

وتضاعف جريمة حجز الجثامين، وإخفائها قسرياً من الأهوال التي تواجهها الأسر الفلسطينية خلال جريمة الإبادة الجماعية التي تتواصل للشهر الثالث والعشرين على التوالي في قطاع غزة، وتواصل خلالها قوات الاحتلال جرائم التطهير العرقي والتهجير القسري وتدمير المساكن والبنية التحتية.

هذا ووفقاً للإحصاءات الصادرة عن الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، فإن سلطات الاحتلال تحتجز (552) جثماناً لشهداء فلسطينيين في ثلاجاتها أو في مقابر الأرقام منذ عام 1967، من بينهم (296) جثماناً بعد عودة احتجاز جثامين الشهداء عام 2015، منهم (32) تعود لمعتقلين استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية. وبحسب الحملة فإن هذه الأرقام لا تشمل جثامين الشهداء من قطاع غزة، فهناك أكثر من (60) شهيداً في السجون مجهولي الهوية، و(1500) جثمان محتجز في سجن سديه تيمان مجهولي الهوية. هذا وترفض سلطات الاحتلال الكشف عن الأعداد الحقيقية للجثامين التي تحتجزها.

والجدير ذكره أن السلطات القضائية التباعة لسلطات الاحتلال شرعنة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين، حين أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية بتاريخ 9/9/2019، قرارها بأن من صلاحية القائد العسكري احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين ودفنهم مؤقتاً لغرض استخدامهم كأوراق تفاوضية مستقبلية.

وتحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثامين الشهداء الفلسطينيين في قبور تحمل أرقاماً خاصة برفات كل شخص متوفي، كما تشير المعلومات المتوافرة أن سلطات الاحتلال تستخدم سياسة احتجاز الجثامين في مقابرها على مدار سنوات احتلالها للأرض الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يشكل جريمة دولية مستمرة، ترفض خلالها الكشف عن مكان هذه المقابر أو تمكين ذوي الضحايا من استعادتهم ودفنهم طبقاً للشعائر الدينية التي ينتمون إليها.

وتصاعدت مشكلة الإخفاء القسري بعد أن قتلت قوات الاحتلال الآلاف ودفنتهم في أنحاء متفرقة من قطاع غزة دون أن تعلن عن أعدادهم أو بياناتهم الشخصية. وفي آخر حالة من أربع حالات، أرسلت قوات الاحتلال عند حوالي 13:00 من مساء الأربعاء، 25 سبتمبر/أيلول 2024، جثامين 88 فلسطينياً في شاحنة “كونتينر” إلى مستشفى ناصر في مدينة خان يونس، وسلمتها لشركة نقل محلية عبر معبر كرم أبو سالم دون تنسيق مسبق مع وزارة الصحة أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وخلال حرب الإبادة الجماعية الجارية، أجبرت قوات الاحتلال شركات النقل على تسليم جثامين أكثر من 608 فلسطينياً، دون التنسيق مع أي جهة دولية أو محلية، حيث استلمت وزارة الصحة 520 جثماناً في ثلاث مرات خلال شهر فبراير ومايو وأغسطس 2024، وهذه هي المرة الرابعة التي تمارس فيها قوات الاحتلال السلوك نفسه، حيث ترسل رفات شهداء دون أي بيانات أو تفاصيل عن هويات أصحابها.

وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال هاجمت المقابر وساحات المستشفيات، التي استخدمت كمقابر جماعية لدفن الشهداء في ساحاتها، بعد أن حاصرتها ومنعت إخراج جثامين الشهداء منها، ولاسيما مستشفى الشفاء ومستشفى ناصر، وداهمت تلك القوات المقابر ونبشت القبور في معظم المناطق التي اجتاحتها من رفح إلى بيت حانون، ونقلت جثثاً إلى أماكن مجهولة.

هذا ويفرض القانون الدولي الإنساني التزامات على أطراف النزاع في التعامل مع الأفراد الذين خسروا أرواحهم أثناء النزاع المسلح، بما يحفظ كرامتهم الإنسانية وإدارة جثامينهم وفق الأصول، وتستوجب تجهيز قوائم بأسمائهم والتواريخ والأماكن التي حدثت فيها الوفاة وأسباب الوفاة. ويفرض القانون الدولي، ولاسيما المادتين (130، 138) من اتفاقية جنيف الرابعة، على دولة الاحتلال التحقيق في كل حالة وفاة وأن تحرر محضراً يحدد أسبابها والمسئولين عن الحادثة، وأن ترسل الجثث أو الرفاه إلى ذوي المتوفى لدفنهم بكرامة ووفق المعتقدات الدينية أو ثقافة ذوي المتوفى.

بالإضافة إلى إرفاق ما كان يحمله الشخص المتوفى قبيل الوفاة سواء كانت نقود أو أوراق ثبوتية أو أي متعلقات شخصية أخرى. كما يحدد البروتوكول الإضافي الأول في المواد (32، 33، 34) واجبات دولة الاحتلال التي من بينها ضمان حق أي أسرة في معرفة مصير أبنائها، والبحث عن المفقودين والقتلى وانتشالهم واجلائهم، مما يساهم في ضمان عدم بقائهم في عداد المفقودين.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يستنكر بشدة السلوك الوحشي الذي تنتهجه قوات الاحتلال وينتهك القانون الدولي، فإنه يرى فيه انتقاماً من الفلسطينيين/ات الأحياء والأموات، ولاسيما مع اتساع ظاهرة الاختفاء القسري وعدم قيام سلطات الاحتلال بواجبها في كشف مصير المختفيين، مما زاد من العذابات التي يعانيها ذوي المختفين قسرياً من أبناء، وبنات، وزوجات، وأزواج، وآباء، وأمهات.

وعليه فإن مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما في وقف حرب الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة بفرض وقف إطلاق نار فوري، والمسارعة إلى غوث السكان، ويطالب الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، باتخاذ إجراءات أكثر حزماً لفرض أحكام القانون الدولي، وإعادة تسليم الجثامين جميعها، وتقديم المعلومات الضرورية عن هوية 608 إنسان فلسطيني سلمتهم جثثاً مجهولة الهوية، والكشف عن مصير بقية الفلسطينيين المختفيين قسراً.

انتهى

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد