اللاجئون السوريون في مصر … بين المعايير القانونية، والعلاقات التاريخية …. أ. محسن عوض

0 61

اللاجئون السوريون في مصر

بين المعايير القانونية، والعلاقات التاريخية

محسن عوض*

واجه اللاجئون السوريون في مصر، منذ بدء تدفقهم على البلاد عقب نشوب الثورة في سوريا عام 2011 واقعاً متغيراً إتصالا بمسار المرحلة الإنتقالية التى تشهدها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، تراوح بين الترحيب وتقديم التسهيلات الواجبة، ثم الشك والتقييد بعد ثورة 30 يونيو 2013. ولم يقتصر هذا التوجه على السلطات الرسمية، بل امتد بدورة الى المجتمع.

وتًعنى هذه الورقة بتقيم أوضاع اللأجئين السورين في مصر، والإشكاليات التى تواجههم ليس فقط منظور التزامات مصر القانونية، أو حتى بالمعايير الانسانية، وإنما بقراءتها في السياق  التاريخي للعلاقات بين المجتمعين المصري والسوري، وأفق تطورها في مستقبل يزخر بالتحديات.

وتتناولت هذه الورقة موضوعها في إيجاز شديد حسب المقتضيات التنظيمية لهذا اللقاء واضعة في اعتبارها عدم التكرار مع غيرها من الأوراق التى تتناول التزامات مصر القانونية بموجب المعايير الدولية بالقانون الدولي للجوء والتشريعات الوطنية وذلك من خلال المحاور التالية:

1-  اللاجئون السوريون في مصر في واقع متغير.

2-  المشاكل والتحديات التى تواجه اللاجئين السوريين في مصر.

3-  المجتمع المدني في مصر واللاجئون السوريون – المنظمة العربية لحقوق الإنسان: دراسة حالة.

4-  خلاصة وتوصيات.

اللاجئون السوريون في مصر في واقع متغير:

يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في مصر لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان 121500 لاجئ حسب احصاءات مكتب المفوضية السامية للاجئين في القاهرة، بينما تصل تقديرات وزارة الخارجية المصرية بأعدادهم إلى 300 ألف لاجئ، وذلك لأن عددا كبير من اللاجئين لا يحتاج لدعم المفوضية.

ورغم أن معظمهم لجأ إلى مصر إلتماساً للأمان من أتون الحرب المستعرة في سوريا، فلا يمكن النظر إليهم ككتلة صماء إذ تتنوع تركيبتهم الاجتماعية والاقتصادية، فمنهم أصحاب أعمال نقلوا استثماراتهم إلى مصر وتابعو نشاطهم الاقتصادي، ومنهم من ينتسبون إلى الطبقة الوسطى من المهنيين، ومنهم الكادحين من العمال والحرفين. ومنهم المعدمين.

وكما هو مألوف في سياق اللجوء، يعيش اللاجئون السوريون في تجمعات اتصالا بطبيعة البيئات الجغرافية القادمين منها في بلدانهم، ومواردهم المالية، وتفضيلاتهم المهنية، ومصالحهم الاقتصادية. وقد تركزت تجمعاتهم في مصر في القاهرة وضواحيها: في مدينة السادس من أكتوبر التى أصبحت أهم مناطق تجمعهم، ومدينة الرحاب، والتجمع الخامس، ومدينة نصر، وفي الأسكندرية: في مناطق الكورنيش البحري والأنفوشي والعجمي وستانلي وبرج العرب، وفي دمياط مركز صناعة الأثاث في مصر التى استوعبت 2000 شاب سوري في ورش يمتلكها مصريين، والمدن الصناعية مثل: العاشر من رمضان والسادات والعبور.

وقد وجد بعضهم عملا في نطاق مهنتهم الأصلية مثل مطاعم المأكولات الشامية والأفران والمقاهي وصالونات الحلاقة ومراكز التجميل للسيدات وبعض الأعمال البسيطة مثل السائقين، ووجدوا تيسيراً من الدولة، وإقبالا من المواطنين، لكن وجدوا صعوبات في مزاولة بعض المهن مثل المحاماة والصيدلة و الطب والهندسة التى تقتضي الحصول على ترخيصات نقابية لممارسة المهنة، وإن كان قد تم تذليل حصولهم على ترخيصات لمزاولة مهنة الطب مؤخراً.

وقد ضخ رجال الأعمال السوريين، وأغلبهم من حلب، استثمارات مهمة في مصر فبلغ عدد الشركات الاستثمارية في مصر نحو 365 شركة (حتى أكتوبر 2012) باستثمارات تصل إلى نحو 500 ميلون دولار.(يقدرها بعض رجال الأعمال السوريين بأضعاف هذا الرقم) وقد اتجهت نصف هذه الاستثمارات إلى قطاع الصناعات الغذائية التي يبرع فيها السوريين، يليها قطاع النسيج والملابس الجاهزة التى يتمتعون فيها بخبرات متميزة، ثم قطاع الصناعات الهندسية والمعدنية وخاصة صناعة الألمونيوم.

الخدمات والتسهيلات:

الصحة: تقوم وكالة الأمم المتحدة بدعم الرعاية الصحية الأولية وتلك المرتبطة بالإحالة المتخصصة للسوريين من خلال شركائها كارتياس، ومصطفي محمود. ويلقى سوريون آخرون الرعاية الصحية  من خلال شبكة الخدمات النقابية الطبية المصرية واتحاد الأطباء العرب ومن المرافق الصحية للمجتمع المدني الأوسع نطاقاً.

التعليم: في5 سبتمبر 2012 أصدر رئيس الجمهورية – د. محمد مرسي  آنئذ – قراراً بأن تتم معاملة السوريين نفس معاملة الطلاب المصريين، للعام الدراسي 2012/2013، وتم تجديد العمل بهذا القرار من قبل الوزارة الحالية دون تحديد العام الدراسي بما يعني إطلاقة واستفادت منه أعداد كبيرة من اللاجئين. لكن رغم صدور هذا القرار وبدء تطبيقة من جانب وزارة التربية والتعليم، لم يتمكن العديد من الطلاب من الاستفادة منه استفادة كاملة بسبب الصعوبات البيروقراطية. كما واجه العديد من الطلاب الذين تمكنوا من الإلتحاق بالمدارس صعوبات تتعلق بالاختلافات في المناهج الدراسية وطرق التدريس وحواجز تتعلق باختلاف اللهجة وازدحام الفصول الدراسية.

السكن: كان السكن أكبر مصدر قلق بالنسبة للكثير من اللاجئين السوريين حيث ينفق ثلثا السوريين في القاهرة ما بين 185 دولار و 470 دولار أمريكيا شهريا لتدبيره، ويعانى كثير منهم من أن مصادر دخله لا تكفي للوفاء بالتزاماتهم.

وفي إطار التضامن الإجتماعي وجهت جمعيات خيرية ذات خلفية دينية ( مثل رسالة – الأورمان – الجمعية الشرعية) وأخرى مدنية (مثل اتحاد شباب الثورة – ومبادرة “جسد واحد”) دعماً للاجئين السوريين وتوفير مساكن لهم. لكن اتسم أداء بعض هذه الجمعيات بالطابع العشوائي فحصل بعض اللاجئين على أكثر مما يحتاجون من هذه التبرعات في حين ظلم البعض الآخر.

الشكاوى والاشكاليات:

تتمثل أهم شكاوى اللاجئين السوريين منذ بداية لجوئهم إلى مصر وحتى ثورة 30 يونيو، حسبما عبرت عنها الشكاوى التى تلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وشخصيات سورية بارزة، أو رصدها ذوو المصلحة، والإعلام في الجوانب التالية:

1-  تناقص الدعم المالي الذي يحصل عليه اللاجئون على نحو أخل بقدراتهم في الوصول إلى الخدمات الضرورية على نحو ما سبقت الإشارة.

2-  شكوى بعض اللاجئين من نظام المعونات الغذائية، التى تلزمهم المفوضية السامية لشئون الللاجئين بالحصول عليها من شركات معينة، وقد أشارت تصريحات مسئولي المفوضية إلى أن هذا الأمر يرتبط بشروط برنامج الغذاء العالمي، لضمان إنفاق هذه المعونة في الغذاء وليس في اشياء آخرى اتصالا باختصاصها – فضلا عن أن هذه المعونة الغذائية لم تشمل جميع اللاجئين المسجلين ، وتعثر الوفاء بها فى أحد الأشهر.

3-  تورط بعض اللاجئين في مخالفات قانونية سواء بدون علم جراء وقوعهم ضحايا لعصابات التزوير المنظمة، أو جراء استخفافهم بالقوانين السارية أحياناً.

4-  تعامل السلطات الأمنية مع المخالفات الأمنية مثل جوازات السفر المزورة، أو الإقامة، والتى أدت في بعض الأحيان إلى قرارات ترحيل.

5-  تورط بعض الجهات  في تسهيل زواج القاصرات لأزواج مسنين بدعوى “السترة”. وقد بينت تحقيقات المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن الظاهرة موجودة لكن على نطاق ضيق ، بينما كان هناك زيجات شرعية وسليمة لأزواج تتراوح أعمارهم بين 18 سنة و22 سنة وسجلت وزارة العدل أكثر من 180 حالة زواج بطريقة رسمية وقانونية.

6-  استغلال بعض ملاك العقارات لحاجة هؤلاء اللاجئين إلى السكن والمبالغة في الإيجارات

وعدا تشدد السلطات الأمنية تجاه بعض المخالفات القانونية، ولجوئها في بعض الأحيان لقرارات ترحيل، كان نمط المشاكل التى يتعرض لها اللاجئون السوريون في مصر، هو نفس نمط المشاكل التى يتعرض لها المواطنون المصريون، مثل مشكلات الالتحاق بمدارس قريبة من السكن، أو تعذر الوصول لفرص عمل مناسبة في بلد يعانى من البطالة، أو استغلال بعض أصحاب العقارات لحاجة المواطنين للسكن في بلد يعانى من أزمة حادة في السكن الاقتصادي، وحتى المخالفات الأمنية كانت تجد لها حلاً في معظم الأحيان، بما فيها الترحيل بتدخل مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أو منظمات حقوق الإنسان.

لكن اعتبارا من الانقسام الوطنى الذى شهدته مصر قبيل ثورة 30 يونيو، ومباردة الرئيس السابق إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية وفتح باب الجهاد فى سوريا، وتورط بعض اللاجئين السوريين فى الحراك السياسي الداخلى لدعم حكم الاخوان بالانخراط فى التظاهرات والاعتصامات، بل وفى حمل بعضهم السلاح فى وجه الدولة، تغيرت سياسية الدولة والاعلام ونظرة المجتمع تجاه اللاجئين السوريين.

فعلى المستوى الرسمي، فرضت الدولة فى 8 يوليو/تموز 2013، تطبيق إجراءات أمنية جديدة تتضمن الحصول على تأشيرة دخول وموافقة أمنية مسبقة. ومنذ ذلك التاريخ تعيد السلطات الأمنية أى مواطن سوري  إلى الدولة القادم منها ما لم تتوافر هذه الشروط. كما شنت السلطات الأمنية حملة اعتقالات للمشتبه فى تورطهم فى الشأن الداخلى المصري أو حمل السلاح فى وجه الدولة.

وعلى المستوى الإعلامى، شنت وسائل الاعلام المصرية منذ بداية شهر يوليو/تموز 2013 حملة تخويف وتشكيك ضد الاجانب وخاصة اللاجئين السوريين، وتجاوز بعضها الأخطاء الفردية إلى التعميم والتحريض. وقد وجدت هذه الحملات الإعلامية صدى لدى الرأى العام المصري، اتصالا بحالة الاستقطاب الحاد الذى يشهده المجتمع.

وقد ترتب على الحملات الاعلامية اعتداءات جسدية ولفظية على بعض اللاجئين السوريين وتحرش بأبنائهم فى المدارس، ورغم أن هذه الحالات كانت فردية ولم تاخذ طابع الظاهرة إلا انها كانت كافية لإثارة مشاعر الخوف لدى اللاجئين السوريين، وبدءوا فى السعى إلى مغادرة مصر متوجهين إلى لبنان والأردن وتركيا بل ومنهم من قرر العودة إلى سوريا نفسها رغم استمرار الحرب فيها.

وتضافرت هذه الظروف مع الصعوبات الاقتصادية والمعيشية فتوجهت أعداد متزايدة منهم إلى الهجرة غير القانونية إلى السواحل الأوربية، فوقعوا شأن العديد من الشباب المصري فريسة لعصابات التهريب والهجرة غير النظامية ومخاطرها المعروفة.

ورغم أنه لا تتوافر احصاءات دقيقة توضح حجم هذه الظاهرة، أو تصنيفا لجنسيات ضحاياها، أو حتى مناطق انطلاقهم من السواحل العربية، فقد عكس وصولهم إلى السواحل الايطالية زيادة مطردة من 350 فرداً فى العام 2012 إلى 4100 فرد فى اغسطس 2013. كما زاد عدد المقبوض عليهم من اللاجئين السوريين فى مصر بدعوى المغادرة غير القانونية من 48 فرداً فى أغسطس/ آب 2013 إلى 715 فرداً فى سبتمبر 2013.

ويعد القبض على هؤلاء المهاجرين وتخييرهم بين الإبعاد أو الاحتجاز الاداري، واحتجاز العديد منهم بالفعل فى الوقت الراهن رغم أن النيابة أطلقت سراحهم انتهاكا نربأ بالسلطات المصرية الاستمرار فيه، كما أدى إطلاق النار على القوارب المتهالكة التى تقلهم أدى إلى غرق احداها، وغرق 12 لاجئاً معها فى وقت سابق من شهر أكتوبر 2013، وقد خلص بعض المراقبين إلى أن الهدف منه هو حماية السواحل الأوربية من وصول الهجرة غير القانونية بأسلوب مستهجن حتى من جانب منظمات المجتمع المدنى فى أوربا ذاتها.

المجتمع المدنى واللاجئون السوريون

المنظمة العربية لحقوق الانسان: دراسة حالة

أظهرت منظمات المجتمع المدنى حفاوة كبيرة باللاجئين السوريون منذ بدء تدفقهم على  مصر بعد الثورة اتصالا بالمشاعر الجياشة التى تسود المجتمع المصري منذ ثورة 25 يناير، وتعاطفاً مع المجتمع السوري فى مواجهة إجراءات القمع الوحشية للاحتجاجات السورية السلمية آنئذ، وقد تجسدت هذه المشاعر فى حجم الاهتمام الذى عبرت عنه وسائل الاعلام، والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق النساء والأطفال والنقابات المهنية، وفى الدعم الذى قدمته بعض المنظمات الخيرية المصرية للاجئين السوريين سواء ذات الطابع الاسلامي، أو المدنى على نحو ما سبقت الاشارة مما كان له أثر ملموس فى دعم اللاجئين السوريين خاصة فى العام الأول للثورة السورية حيث كانت أعدادهم محدودة، والآمال معقودة، والخلافات مفهومة على الساحتين المصرية والسورية، لكن تغير المسار على الساحتين السورية والمصرية وتعمق الانقسامات الداخلية فى كل منهما أحدث تحولا.

انشغلت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بقضية اللاجئين السوريين في مصر بحكم اختصاصها كمنظمة إقليمية، على مستويين، اتجه أولها للتفاعل مع قضية اللاجئين السوريين ككل، واتجه الثاني إلى التفاعل مع قضية اللاجئين السوريين فى مصر.

على المستوى الأول، أجرت المنظمة أول تقييم لأوضاع اللجوء والنزوح بالتعاون مع فرعها في سوريا وتقدير احتياجاتهم في شهري فبراير ومارس 2012، وتم تسليمه لجامعة الدول العربية، كما أجرت اتصالات مع مؤسسات الهلال الأحمر العربية وبعض مؤسسات المجتمع المدني الخيرية في الخليج وليبيا ولبنان لتقديم الدعم الانساني عبر جامعة الدول العربية. كما أوفدت بعثة رأسها أمين عام المنظمة إلى دولة الإمارات لمعالجة مشكلات المقيمين غير القانونين، ولفت اهتمام الهلال الأحمر الإماراتي إلى مالمسته من فجوات الاحتياجات الإنسانية ملحة لدى بعض الدول العربية المستقبلة للجوء لتغطيتها، وترتب على ذلك مضاعفة الدعم في الاردن ولبنان، كما أجرت اتصالات مماثلة مع الهلال الأحمر الكويتى، كما راجعت السلطات في مصر وليبيا بالتعاون مع فرع المنظممة في ليبيا لمنع ترحيل بعض اللاجئين، واستجابت السلطات المختصة في البلدين بنسبة كبيرة.

أما على مستوى اللاجئين السوريين في مصر، فقد عنيت بالسعي لحل مشكلات اللاجئين لدى السلطات المعنية، كما ساندت انشاء رابطة للرياضيين السوريين وأخرى للنساء السوريات “رابطة سوريات” ابريل 2013، ورعاية مبادرة تأسيس جالية سوريا في مصر (اكتوبر 2013).

الخلاصة والتوصيات:

تخفق  هذه الورقة  إذا ما استندت فى تقييم أوضاع اللاجئين السوريين فى مصر استناداً إلى القانون الدولى للجوء، أو التزامات مصر الدولية وحدها، فالعمق التاريخي للعلاقات بين المجتمعين المصرى والسورى، والمجرى العام لهذه العلاقات أعمق كثيراً من معايير القياس، أو النتائج التى قد تترتب على استخدامها.

إذ يحفل تاريخ العلاقات بين المجتمعين المصري والسوري بتراث نادر من الإخاء يتجاوز كل العلاقات الرسمية، فمن قبل الوحدة المصرية السورية عام 1958 والتى تمثل تجربة فريدة  فى خبرة العلاقات العربية العربية، أظهر المجتمع السورى دعماً غير مسبوق خلال العدوان الثلاثى على مصر فى العام 1956، وبعد تجربة الوحدة امتزج الدم السورى والمصري فى كفاحهما المشترك من أجل ازالة آثار عدوان يونيو 1967 بحرب أكتوبر المجيدة عام 1973.

ودون اغفال تعقيدات المشهد الراهن، فلا يجوز اختزال هذا المجرى العميق من علاقات الود والاخاء، فى عوارض، هى وقتية بطبعيتها،وتعميمها . فمن السهل دائماً ترميم العلاقات الرسمية بين دولتين، لكن من الصعب ترميم العلاقات بين المجتمعين وتظل المحن هى لحظة الامتحان.

ولا تتوقف توصيات هذه الورقة تجاه تعامل الدولة المصرية عند مطالبة السلطات بالتمييز بين الأخطاء الأمنية الفردية التى وقع فيها بعض اللاجئين السوريين فى مصر، وبين هيكل الجالية السورية فى مصر، أو الدعوة إلى توقف بقايا حملة الكراهية الإعلامية التى بثتها بعض أجهزة الإعلام المصرية تجاه اللاجئين السوريين فى مصر، وانما تتعداها إلى سلسلة من المقترحات التى تجعل من اللاجئين السوريين فى مصر جسر تفاعل للمستقبل يعود بالفائدة على المجتمعين السوري والمصرى على السواء.

وتتضمن هذه التوصيات ما يلى:

1.    استكمال إجراءات تشكيل الجالية السورية فى مصر، وفتح قنوات “فاعلة” بين قيادات الجالية، والسلطات المصرية ذات الصلة بالمشاكل والإشكاليات التى يعانى منها اللاجئين السوريين فى مصر.

2.    تسهيل إجراءات تأسيس مدارس لاستيعاب كافة أطفال الجالية، سواء التى يرغب فى تأسيسها أعضاء الجالية أو بالتعاون مع الهيئات العلمية المصرية، وأن تدرس هذه المدارس المناهج السورية لتأهيل هؤلاء التلاميذ لاستئناف الدراسة في بلدهم عقد العودة.

3.    كذلك تسهيل إجراءات إقامة عيادات أو مستشفيات تتاح لخدمة السوريين والمواطنين المصريين، وهى فضلاً عما توفره من عناصر إيجابية على نحو ما سبقت الاشارة بالنسبة للمدارس توفر للأطباء السوريين الحفاظ على تقدمهم المهنى ومتابعة ما يستجد للحفاظ على دور هولاء الأطباء للثروة البشرية السورية عندما تزول الخطوب.

4.    إتاحة قدر كاف من المعلومات الصحيحة عن الجالية المصرية فى مصر أمام الاعلام المصرى لتوضيح وتصحيح بعض جوانب الالتباس حول هذه الجالية فى مصر، واتاحة سماع الصوت السوري فى الاعلام لتوضيح هذه الحقائق.

5.    اعادة النظر فى القرارات التى اضطرت السلطات الأمنية لاتخاذها فى الظروف الاستثنائية التى مرت بها البلاد من حيث الاقامة، وإجراءات الدخول.

6.    أما قضية الهجرة غير  النظامية فهى تتخطى أزمة الجالية السورية فى مصر إذ تشمل إلى جانب السوريين العديد من شرائح المواطنين المصريين والعرب والأفارقة، وتؤكد هذه الورقة ضرورة التعامل مع هذه القضية باعتبار هولاء اللاجئين غير النظامين ضحايا وليسوا مجرمين، وأن معالجة هذه القضية لا يمكن وضعها على عاتق مصر أو غيرها من البلدان العربية وحدها وإنما ينبغي يتم فى إطار التعاون الدولى من منظور معالجة أسبابه وليس من منظور العقاب.

***

* عضو مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان – الأمين العام السابق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد