“العربية لحقوق الإنسان” تصدر تقريرًا حول حالة المواطن العربي

0 76

 

الاثنين – 10 أغسطس/آب 2015

بقلم : فاطمة الزهراء محمد- جريدة الفجر

أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الــ29 حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي حيث يتناول التقرير بالعرض والتحليل أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية خلال الفترة من منتصف العام 2013 وحتى منتصف العام 2015، وهي الفترة التي ارتبطت بالتطورات الجذرية المتسارعة على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وقادت إلى تأثيرات هائلة على أوضاع حقوق الإنسان في مجمل المنطقة وعلى تخومها. يرصد التقرير التدهور المريع لأوضاع حقوق الإنسان خلال العامين الماضيين، لا سيما مع بروز العلاقة التبادلية المركبة بين الاحتلالات الأجنبية والنزاعات الأهلية المسلحة وتفاقم أنماط الإرهاب وتداخله مع الصراعات السياسية، وهو ما يتجاوز تهديد حقوق الإنسان جزئيًا أو كليًا إلى تهديد بقاء الدولة العربية ذاتها. وإلى جانب جملة الوقائع والنماذج التي يسوقها التقرير للتدليل على الانتهاكات الشائعة الخطيرة وأنماطها وما يرافقها من ظاهرات سلبية، يرصد التقرير العديد من بواعث القلق المتزايدة التي من شأنها أن تؤدي لاستمرار تفاقم الأوضاع ومضاعفة تعقيدها. ويتهم التقرير كلًا من نظم الحكم العربية، والتنظيمات المسلحة والإرهابية، والقوى الأجنبية المنخرطة في صراعات المنطقة الداخلية والإقليمية بالمسئولية عن إهدار حقوق الإنسان في المنطقة. فقد وجدت نظم الحكم العربية ضالتها في تقييد حقوق الإنسان بدعاوى حماية الأمن ومكافحة الإرهاب التي جاوزت الإرهابيين لتنال في بعض الأحيان من المعارضين السياسيين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين. بينما تجاوزتها قوى الإرهاب والتطرف في ارتكاب الانتهاكات الأبشع والأفظع، واستباحت في ذلك كل الحرمات واندفعت لإشعال نيران الحروب الأهلية بدعاوى “الثورات المسلحة” تارة وتحقيق “الوعد الديمقراطي” تارة وجلب الآلاف من المقاتلين الأجانب إلى بلدان المنطقة لتحقيق “حلم الخلافة” تارة ثالثة، وسط صخب إعلامي هائل يمدها بالمبررات. كما اضطردت بالمقابل مستويات التدخل الدولي والإقليمي “غير الحميد” في شئون المنطقة على نحو فاقم من حدة الفوضى وتداعياتها، عبر سياسات بعضها عمق الانقسام ووفر سواتر سياسية لجماعات الإرهاب، وبعضها شجع تدخلات إقليمية متباينة، وبعضها أنتج حروبًا مصغرة بالوكالة، بينما لم يتأثر تدفق النفط إلى خارج المنطقة. وتراجعت قضايا العرب الكبرى عن طاولة الاهتمامات في ظل تقدم أولويات الداخل الوطني، فعلى سبيل المثال، تعرض الشعب الفلسطيني مجددًا لواحدة من أكبر نكباته منتصف العام 2014، فمع نزوع القيادة الفلسطينية لإعادة القضية إلى الساحة الدولية بدلًا من مواصلة دائرة المفاوضات المفرغة، اتجه الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير الأخضر واليابس وخاصة في قطاع غزة المحاصر منذ العام 2007، وعجز النظام الرسمي العربي عن تقديم أي دعم ملموس لوقف تلك النكبة، بل وحتى معالجة آثارها حتى إصدار التقرير. ولم ترتقي الآليات الدولية لحقوق الإنسان إلى استحقاقات الامتحان الذي يفرضه حجم تردي أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة، والذي بات يفرض الحاجة لدور أكثر فعالية يتجاوز إصدار قرارات التصدي والمناشدات وعبارات الإدانة. ويمكن القول دون تردد بأن الانتهاكات ذات الطابع المنهجي للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة لأحكام القانون الإنساني الدولي في المنطقة على اختلاف بلدانها تتصدر ما عداها من مختلف مناطق العالم الجغرافية، وتتجاوز القيود الممكنة الحريات للعديد من الحقوق التي لا يجوز المساس بها في كل الأحوال، وباتت التدابير الاستثنائية المؤقتة ذات طبيعة واقعية مستدامة. إن تقويض مجمل حقوق الإنسان الأساسية في ظل حالة الحرب والنزاع المسلح بات سمة رئيسية في فلسطين والعراق وسوريا واليمن والصومال والسودان وليبيا، فضلًا عن التداعيات الكارثية على الجوار الإقليمي، لا يفوقه في الخطر إلا منطق الاعتياد في متابعة وقائع انتهاك الحق في الحياة وأنهار الدماء التي تغمر كل بلدان المنطقة بسبب النزاع المسلح أو الجرائم الإرهابية. ويحذر التقرير من المخاطر الجمة المرتقبة لاستمرار الأوضاع الراهنة على حقوق الفئات الأولى بالرعاية وخاصة النساء والأطفال والأقليات العرقية والدينية والمذهبية المتنوعة في ساحات النزاع – الحالية أو المحتملة، فجميعهم على رأس قائمة الضحايا المرتقبين. وبات المدافعون عن حقوق الإنسان في الصفوف الأولى لضحايا النزاعات، أو يرزحون في غياهب السجون ومراكز الاحتجاز في غيبة الضمانات القانونية، أو هم قيد الملاحقة القضائية والأمنية على صلة بنشاطهم. كما باتوا بين الفئات التي يمكن للرأي العام ازدراؤها بسبب الحملات الحكومية والإعلامية عليهم، أو بفضل تكاثر المؤسسات الحقوقية التي أنشأتها حركات أيديولوجية لخدمة مصالحها. ولا يدق التقرير فقط ناقوس الخطر بشأن المنطقة التي باتت أكبر مصدر للجوء والنزوح والهجرة غير النظامية في العالم، لكنه يعمل أيضًا على إيضاح أنه ما لم تجر معالجات كبرى وعاجلة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بيد أبناء المنطقة، فإن الأمر بالفعل سيخرج عن أي نطاق للسيطرة. وفي هذا الصدد، ففي تقدير واضعي التقرير أن الرهان لا يزال قائمًا على معطيات التقدم الممكن في كل من تونس والمغرب ومصر اتصالًا بالسياقات الدستورية الجديدة، فرغم أنها تبقى قيد الاختبار ويلفها شكوك كثيرة حتى الآن، إلا أن الرهان ينصب على قدرة الحركات الحقوقية في استثمار التقدم الدستوري المتميز، وذلك عبر الاستفادة مما يتوافر في البلدان الثلاثة من بنية مؤسساتية وقدرات قانونية وقضائية. ويجدد التقرير رؤيته الدائمة أن كلفة الإصلاح الجاد ستبقى الأقل ضررًا من حالات الفوضى والاضطرابات، وأن على غالبية الحكومات العربية الاختيار قبل فوات الآوان والإسراع بمعالجة حالات الاحتقان والاستقطاب السائدة، على قاعدة المواطنة ونبذ التمييز، وتأمين الحماية لحقوق الإنسان، وانتقال جاد إلى الديمقراطية، وتنمية عادلة.

الاطلاع على المقالة بموقع البوابة نيوز الالكتروني من خلال الرابط التالي:

http://www.albawabhnews.com/1439333

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد