«المنظمة العربية» : التذرع بالخوف من الإرهاب يفقد قيمته للتضييق على المجتمع المدني – السبت 18-02-2017

0 30

«المنظمة العربية» : التذرع بالخوف من الإرهاب

يفقد قيمته للتضييق على المجتمع المدني

السبت 18-02-2017 – 16:46 

كتب: وائل علي

أعرب التقرير السنوي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان عن القلق الخاص بوضعية المدافعين عن حقوق الإنسان والذين أضحوا هدفاً رئيساً لمختلف الفاعلين السياسيين، وهذا القلق لا ينفصم عن التضييق على المجتمع المدني وتضييق المجال العام من خلال تقييد مجمل الحريات العامة والتحكم في هوامش الحركة.

وأكد التقرير السنوي الثلاثين الذي أصدرته المنظمة، السبت، بعنوان: «حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي»، الذي يغطي الفترة من منتصف العام 2015 إلى نهاية ديسمبر 2016، أنه وفي كل من مصر وتونس اللتين نجيتا من عاصفة التلاعب الدولي والإقليمي بثورتيهما أدت تحديات الإرهاب المقرونة بالاشتراطات الاقتصادية الدولية إلى تراجع التطلعات، ولا تزال الطموحات الشعبية المدعمة بالاستحقاقات الدستورية بعيدة المنال.

وتناول التقرير بالعرض والتحليل تطورات حقوق الإنسان في المنطقة العربية في جوانبها السياسية والميدانية والتشريعية والممارسات والتوجهات، معتبرا أن العام 2016 ناقض التوقعات التي حملها الربع الأخير من العام 2015، إذ لم يضع التدخل العسكري المباشر للقوى الكبرى في سوريا النازفة حدًا لإراقة الدماء، بل استحال المشهد لهيبًا فوق لهيب، بينما لم يمثل اتفاق «الصخيرات» الموقع بين الفرقاء الليبيين برعاية أممية مقدمة لنهاية للفوضى التي ما لبثت أن تعمقت وضاعفت وتيرة التشرذم.

وأشار التقرير إلى أن الآمال تراجعت في أن يكون للقتال أو للمفاوضات دور في إنهاء مراسم تدمير ما تبقى من اليمن المتهالك، وبينما تمدد إرهاب «داعش» في العراق في بضعة أيام منتصف 2014، لم يكن بوسع حكومة العراق سوى التقدم ببطء في مواجهته، ولم يأت هذا التقدم البطيء بمعزل عن وتيرة جديدة من تفشي الجرائم المذهبية التي لم تقل في وحشيتها ولا في قسوتها عما ارتكبه التنظيم الإرهابي.

وذكر أن القضية الفلسطينية توارت خلف كل هذا الضباب في مرحلة يتمتع فيها الاحتلال الإسرائيلي بغطاء توفره الاضطرابات الواسعة في الإقليم، والانشغال العربي العميق بالقضايا الذاتية في كل بلد، بالإضافة إلى غلبة الصراع المذهبي على فلسفة بعض نظم الحكم في المنطقة، ولم يعد للعمل الرسمي العربي تأثير يُذكر في الملف الفلسطيني سوى بالتصريحات ذات الطابع الروتيني، على نحو بات يُغري الإدارة الأمريكية الجديدة 2017 بإتمام مؤامرة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية المحتلة.

واعتبر أن تلك الفترة التي يتناولها التقرير شهدت تقدمًا ملحوظًا في مشاركة المرأة على الأصعدة السياسية بصفة خاصة، إلا أن هذا التقدم لا ينبئ بتوافر الإرادة السياسية الجادة بقدر ما يشي بالحاجة إلى دعم شعبي لنظم الحكم في مرحلة تحولات عاصفة.

وأوضح التقرير أنه وفي ظل هذا الاضطراب الإقليمي الواسع والمعقد والمتراكب والمخاوف من الخرائط المتغيرة بين لحظة وأخرى لم يخل بلد عربي واحد من التضرر بالنزاعات وإفرازاتها أو على أقل تقدير بالإرهاب، فإن لم يكن البلد قد تعرض لجرائم الإرهاب بشكل ملموس، فقد تحرك أمنيًا وقضائيًا للوقاية منه، وفي غضون هذا التحرك لم تأل المؤسسات الأمنية جهدًا لخلط المعارضة السياسية بالإرهاب وربط الجمل القصيرة بالجرائم الإلكترونية.

وشدد التقرير أنه ومن أسوأ ما طبع الفترة التي يغطيها التقرير تقدم فئة الحقوقيين العرب إلى صفوف الفئات المستهدفة بالجرائم، فعلى تفاوت بين بلد وآخر كان الحقوقيون ضحايا للقتل والاختطاف والملاحقات الأمنية والمحاكمات والعقوبات السالبة للحريات وحملات التشويه والتعميم، وتضاعفت التوجهات نحو تقييد حرية الجمعيات بتعديلات تشريعية تسير عكس اتجاه حركة التاريخ.

واعتبر إن التذرع بالمخاوف من الإرهاب يفقد قيمته في اللحظة التي يتم التضييق فيها على المجتمع المدني وفي طليعته جماعات حقوق الإنسان، فالمجتمع المدني المتعافي لا يمكن أن يكون سوى مناصر لحقوق الإنسان، وهاهنا فقط يكون الطرف الأكثر حيوية وفاعلية في تنمية الوعي المدني ومحاصرة ظاهرة الإرهاب واقتلاعها من جذورها، وبدون المجتمع المدني المتعافي تبقى تدابير مكافحة الإرهاب دائرة في حلقة مفرغة، ويعجز الجميع عن الوصول لأي غايات تشاركية، وننتهي بفشل الأمة.

***

للاطلاع على المقالة بموقع جريدة المصري اليوم الالكتروني من خلال الرابط التالي:

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1091039

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد