ورقة موقف: الانتخابات الفلسطينية في ظل استمرار حالة الانقسام

0 42

ورقة موقف: الانتخابات الفلسطينية في ظل استمرار حالة الانقسام

 

قررت الحكومة الفلسطينية في رام الله في جلستها التي عقدت بتاريخ 08 فبراير 2011 إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية يوم السبت الموافق 09 يوليو 2011، وتكليف لجنة الانتخابات المركزية بإعداد التحضيرات والترتيبات الفنية اللازمة.

يفتح هذا القرار مجدداً الجدل في الساحة الفلسطينية حول الانتخابات بطريقة تعكس حالة الانقسام السياسي القائمة في السلطة الفلسطينية منذ يونيو 2007.  فبينما يجد هذا القرار ترحيباً وقبولاً من قبل أطراف سياسية متنوعة أبرزها حركة فتح، فإن أطراف سياسية أخرى رفضته، وهو ما عبرت عنه حركة حماس.  ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعلن عن اجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية، حيث سبق وأن أصدر مجلس الوزراء ذاته وبتاريخ 08 فبراير 2010، قراراً يقضي بإجراء انتخابات محلية في جميع الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة بتاريخ 17 يوليو 2010.  كما سبق ذلك إعلان الرئيس محمود عباس بتاريخ 23 أكتوبر 2009، عن إصدراه مرسوماً رئاسياً يقضي بالدعوة إلى انتخابات عامة (رئاسية وتشريعية) حرة ومباشرة في السلطة الفلسطينية بتاريخ 24 يناير 2010.

وعلى مدى الأعوام الثلاثة المنصرمة انخرط المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقوة في هذا الجدل وتابعه بكل تفاصيله.  وسبق أن عبر المركز عن موقفه من اجراء الانتخابات في أكثر من مناسبة سواء أكانت رئاسية، تشريعية، أو محلية.

شهدت نهاية العام 2009 الموجة الأولى من هذا الجدل حول قضية الانتخابات، مع قرب انتهاء ولاية الرئيس محمود عباس في يناير 2009، والمحددة بأربع سنوات وفق القانون الأساسي.فجرى جدل واسع النطاق في تلك الفترة بشأن انتهاء ولاية الرئيس، وتناقلت وسائل الإعلام تصريحات ومواقف متعارضة عن شخصيات رسمية وحزبية في حركتي فتح وحماس ومؤسسات السلطة الفلسطينية المنقسمة على نفسها بين الطرفين.  وتبنت حركة حماس موقفاً جاء فيه أن ولاية الرئيس تنتهي بعد أربع سنوات من تاريخ انتخابه، وإن لم تجر انتخابات رئاسية جديدة فإن منصب الرئيس يصبح شاغراً ويتولى منصب الرئاسة رئيس المجلس التشريعي لمدة 60 يوماً تجرى فيها انتخابات جديدة.  وتبنت حركة فتح موقفاً مغايراً مفاده أن الفترة الرئاسية قد تم تمديدها بموجب قانون الانتخابات رقم (9) لسنة 2005، بما يسمح باجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، بعد انتهاء فترة ولاية المجلس التشريعي في يناير 2010.  وفي حينه، أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ورقة موقف بعنوان “الجدل حول انتهاء مدة الرئاسة”، عبر فيها، من بين أمور أخرى، عن دعمه الكامل لإجراء انتخابات دورية انطلاقاً من  موقفه المنحاز لعملية التحول الديمقراطي، إلا أنه أكد على أن إجراء أي انتخابات يتطلب توفير شروط وبيئة تضمن نزاهة وشفافية كافة مراحل العملية الانتخابية لتعكس نتائج تلك الانتخابات إرادة الناخبين، وهو شرط غير متوفر في حالة الانقسام السياسي، وما يرافقها من انقضاض الحكومتين في غزة ورام الله على الحريات العامة بما في ذلك الحريات والحقوق الأساسية للمواطن الفلسطيني.

وقد تجدد هذا الجدل بشأن الانتخابات مرة أخرى، بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس بتاريخ 23 أكتوبر 2009، عن إصدراه مرسوماً رئاسياً يقضي بالدعوة إلى انتخابات عامة رئاسية وتشريعية حرة ومباشرة في السلطة الفلسطينية بتاريخ 24 يناير 2010.  وتبنت حركة حماس موقفاً مفاده عدم امكانية اجراء الانتخابات في ظل وضع الانقسام الراهن، وأن القانون الأساسي ينص على استمرار عمل المجلس التشريعي إلى حين أداء أعضاء المجلس الجديد اليمين الدستورية.  وقد أصدر المركز الفلسطيني ورقة موقف بتاريخ 25 أكتوبر 2009، مفادها أن المرسوم الرئاسي هو استحقاق دستوري ولكن من غير الممكن تنفيذه في ظل حالة الانقسام، وأن المصالحة الفلسطينية هي شرط الانتخابات.

وتفجرت موجه ثالثة من الجدل بشأن الانتخابات بعد إصدار مجلس الوزراء في رام الله قراراً بتاريخ 08 فبراير 2010، يقضي بإجراء انتخابات محلية في جميع الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة بتاريخ 17 يوليو 2010.   هذا مع العلم أن ولاية مجالس الهيئات المحلية المنتخبة كانت قد انتهت في موعد اقصاه مايو 2005، وعملت الحكومتان في الضفة الغربية وقطاع غزة على تعيين هيئات مجالس محلية جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة من المقربين لها في الهيئات المحلية التي انتهت ولايتها القانونية أو التي لم تجر فيها انتخابات.  وكانت انتخابات مجالس الهيئات المحلية قد جرت على عدة مراحل منذ نهاية العام 2004، وكان الجزء الأول من المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية بتاريخ 23 ديسمبر 2004، في 26 هيئة محلية في الضفة الغربية، والجزء الثاني من المرحلة الأولى من الانتخابات المحلية بتاريخ 27 يناير 2005، في 10 هيئات محلية في قطاع غزة، وجرت المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في 05 مايو 2005، في 84 هيئة محلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما لم تعقد المرحلة الثالثة من الانتخابات المحلية والتي كان من المقرر أن تشمل هيئات محلية لمدن كبرى ما زالت هيئاتها تعين من قبل الجهات الرسمية.

وقد أصدر المركز أيضاً ورقة موقف حول الدعوة إلى إجراء الانتخابات المحلية، عبر فيها عن عدم واقعية إجراء انتخابات هيئات المجالس المحلية في ظل حالة الانقسام السياسي التي تشهدها الساحة الفلسطينية وقد عاد مجلس الوزراء ذاته وقرر إلغاء إجراء تلك الانتخابات في جلسته المنعقدة بتاريخ 10 يونيو 2010، على أن يحدد المجلس موعد إجراء تلك الانتخابات في موعد لاحق.وبتاريخ 13 ديسمبر 2010، أصدرت محكمة العدل العليا المنعقدة في مدينة رام الله قراراً يقضي بإلغاء القرار الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 10 يونيو 2010، بشأن إلغاء إجراء الانتخابات المحلية بعد أن تقدم أحد المرشحين لتلك الانتخابات بطعن في قرار مجلس الوزراء إلى المحكمة.

وفي ظل هذا الجدل المتجدد حول الانتخابات فإن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يود توضيح موقفه وفق الآتي:

  1. يؤكد على انحيازه الكامل ودعمه لعملية التحول الديمقراطي في السلطة الفلسطينية، وأن الديمقراطية تتطلب من بين شروط أخرى إجراء انتخابات نزيهة وعادلة ودورية يتمكن من خلالها الشعب من الاختيار بحرية من ينوبون عنه في ممارسة الحكم ويخضعون لمساءلته ومحاسبته.
  2. إن الانتخابات لم تكن يوماً هدفاً بحد ذاته، انما هي جزء من عملية ديمقراطية شاملة.  ويتطلب إجراء أي انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية، أو محلية توفير الأجواء والشروط اللازمة لاجراء انتخابات نزيهة وشفافة لتعكس إرادة

الناخبين، وفي مقدمة هذه الشروط إطلاق الحريات العامة، بما فيها الحق في حرية الرأي والتعبير، الحق في التجمع السلمي، الحق في تشكيل الجمعيات، الإفراج عن المعتقلين السياسيين، رفع الحظر عن النشاطات السياسية (نشاطات حركة حماس في الضفة الغربية، ونشاطات حركة فتح في قطاع غزة)، والسماح بحرية عمل كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، حيث أن الانتخابات لم تكن يوماً هدفاً بحد ذاتها.

  1. يشير إلى التدهور الخطير وغير المسبوق للحريات العامة وانتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني في السلطة الفلسطينية.  ووفقاً لمراقبة ومتابعة المركز فإن الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات قد اقترفت على خلفية الانقسام السياسي.  ويؤكد المركز على أن حماية الحريات والحقوق الفلسطينية استحقاقات دستورية وأن ما يجري من انتهاكات في الضفة الغربية وقطاع غزة هي انتهاكات للقانون الأساسي والحقوق المكفولة دستورياً.  وبناء على ذلك، فإن انهاء حالة الانقسام السياسي هو شرط أساسي لإجراء أية انتخابات نزيهة وشفافة تعبر عن آراء الناخبين.
  2. لا يمكن إجراء أي انتخابات بدون توفر الضمانات القضائية اللازمة، وبدون وجود سلطة قضائية موحدة ومستقلة، بما في ذلك وجود محكمة مختصة في شؤون الانتخابات تبت في النزاعات الانتخابية، يشهد جميع الفرقاء والمتنافسين في الانتخابات يحيادها واستقلالها.
  3. إن الأزمة القائمة في السلطة الفلسطينية هي أزمة سياسية من الطراز الأول وليست قانونية أو دستورية، وأن المدخل الوحيد لحلها هو عبر استكمال الحوار الوطني الشامل.
  4. إن التفويض الشعبي الذي منحه الشعب في الانتخابات الرئاسية 2005، والانتخابات التشريعية 2006، ليس مفتوحاً بلا سقف، بل انتهى مع انتهاء ولاية المجلس التشريعي في 24 يناير 2010، وبذلك لا ندعي أن حالة فراع قانونية نشأت، إنما من المؤكد أن لا أحد يستطيع ادعاء الديمقراطية أو تمثيل الإرادة الشعبية، وينبغي العودة مجدداً للشعب من أجل تفويض شعبي جديد، في ظل توافق وطني شامل وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات.
  5. ينبغي على القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تضع في قمة أولوياتها إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، ويجب اتخاذ إجراءات سريعة وعملية لإنهاء حالة الانقسام السياسي في السلطة الفلسطينية، لأن من يدفع الثمن الباهظ لهذا الانقسام هو الكل الفلسطيني وقضيته الوطنية، وأن الشعب الفلسطيني أبعد من أي وقت مضى عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ونيل حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف في التحرر وتقرير المصير.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد